01‏/10‏/2017

نصائح من ثائر سوري للشعب التي تنوي القيام بثورة

العاقل من اتعظ بغيره لا بنفسه، والحكيم من تأدب بتجربة سواه، والله أمرنا أن نسير في الأرض ونرى آثار الأمم السابقة لنتفكر ونتدبر ونستفيد من أخطائهم، ووضع في الكون سنناً لا تحابيِ أحداً ولا ترحم جاهلاً أو متعجلاً وإن أحسن النية.

ولكي لا تتكرر المأساة هذه نصائح أقدمها من واقع تجربة الثورة السورية للشعوب المسلمة التي تفكر في الثورة:

1) الحرية ثمنها غالٍ، وتستحق هذا الثمن:

هول الإجرام الممارس على الشعب السوري، والمشجّع دوليّاً من جميع الأنظمة، الغاية منه تربية كل شعوب المنطقة حتى لاتفكر بكسر قيد النظام الدولي والحصول على حقها، فيا ثوار الغد لا تجزعوا مما ترونه من إرهاب وإجرام فالحرية تستحق ذلك وأكثر، ومهما كانت ضريبة الثورة غالية، فضريبة الخضوع والاستكانة أغلى.

2) السلمية دين من؟:

هذه العبارة وردت في إحدى خطابات “العدناني” المتحدث الرسمي لداعش، وصدق وهو كذوب، فالسلمية لا تسقط نظاماً ولا تحصّل حقاً، والطغاة لا يفهمون إلا لغة القوة والحقوق تتنتزع انتزاعاً
ولابد للشعوب أن تدفع فاتورةً كبيرةً لتدرك هذه الحقيقة، وغالباً لا تدركها إلا بعد فوات الأوان
من يتخوف من حمل السلاح ضد الأنظمة المستبدة لكي لا يتكرر عنده مصير سورية، فأبشره بأنه سيلاقي مصير مسلمي الروهينغيا فرج الله عنهم.

3) حافظوا قدر الإمكان على شعبية الثورة:

الثورات تفشل إذا اختزلت من الشعبية إلى النخبوية، فتتحول الثورة من جهاد حق لأمة ضد نظام دولي مجرم، إلى مواجهة أيديولوجية ضيقة بين جماعة ونظام دولي مجرم، تحسم بسرعة وعنف لصالح النظام.
ارفعوا شعارات عامة يتفق عليها الجميع، كالحرية والعدالة والكرامة، وابتعدوا عن الشعارات الأيديولوجية كالخلافة الإسلامية والإمارة الإسلامية وغيرها.

4) تحييد الأعداء هدي نبوي:

حاولوا قدر الإمكان ألا تستعدوا العالم وتجروه لقتالكم، وخاطبوا العالم باللغة التي يفهمها، واستغلّوا كل الطاقات والإمكانات لتحقيق أهداف ثورتكم، واجعلوا من قول النبي صلى الله عليه وسلم “خذل عنا ما استطعت ” منهجاً.

5) حافظوا على وحدة أهدافكم ومؤسساتكم:

قد يكون من الصعوبة بمكان جعل كل الشعب الثائر متفقاً مئة بالمئة على أهداف الثورة، أو متوافقاً بالإجماع على مؤسساتها
وللخروج من هذه المعضلة يجب تحديد ثوابت عامة يتفق الجميع حولها، واسم عام لمؤسسة جامعة تلّم شتات التشكيلات الثورية.

6) زامر الحي يطرب:

لا تفتنوا بكل قادمٍ من الخارج وتظنوا به خيراً وتسلموه أمركم، ولا تحتقروا أو تنتقصوا من جاء لنصرة قضيتكم
فالأمر وسط بين إفراط وتفريط
لكن أهل البلد أعلم بشؤونهم وبما يصلحهم وأخبر بإدارة أمورهم وكما يقال “أهل مكة أدرى بشعابها”

7) احذروا أفخاخ الدعم والداعمين:

خذوها نصيحة مني، لا أحد يدعمك لوجه الله كائناً من كان
السياسة أولاً وأخيراً تدافع مصالح أو تلاقي مصالح، إن استبدلنا المصالح بالعواطف فقد خبنا وخسرنا
والأفضل أن تكون للثورة مصادرها الخاصة للدعم، أما الثورات التي تعيش على دعم خارجي فهي عصابات ارتزاق وليست ثورات
واحرصوا على أن تكون تحركاتكم مضبوطة بقدرة مصادركم المالية الذاتية حتى لا تخسروا ثورتكم وذواتكم لصالح أجندات خارجية.

8) تجنبوا المواجهات المباشرة:

جيوش الطغاة ذات مصادر دعم غير محدود، فهي قادرة على تجنيد الآلاف كل يوم وقد تلجأ الأنظمة إلى تعمد خسارات عسكرية أمامكم، وتسلمكم بعض الأسلحة الثقيلة حتى تغتروا بقوتكم وتظنوا أنكم ندٌّ لها فتدخلوا معها معارك مفتوحة ومباشرة تكون انتحاراً بالنسبة لكم.

9) جهزوا كوادركم الإدارية واللوجستية:

في البداية تكون متطلبات الثورة تقريباً صفرية، ومع اتساعها وزيادة القمع تبرز الحاجة لكوادر طبية وتصنيع وإغاثة وإدارة وغيرها، خاصة إن انسحبت الأنظمة من منطقة ما وتسلمتم إدارتها
في سورية يربح الثوار المعارك العسكرية، ويخسرون معارك أهم، وهي معارك الإدارة المدنية والخدمات.

10) لا تعبئوا بالمزاودين:

هناك بعض الناس الذين لا يخرجون عن صنفين، إما حمقى وإما عملاء مخابرات، وفي الحالتين هم حمير للنظام الدولي العالمي، وأذنانبه من الأنظمة الوظيفية المحلية
هؤلاء المعتوهين يصدرون أنفسهم للإفتاء والتوجيه في كل حركة للشعوب، لأنهم يغتاظون من كون الشعوب المسلمة قد تجاوزتهم ورمت غثاءهم وراءها ظِهريّاً
أكملوا طريقكم، وخذوا بنصح علمائكم من أهل بلدكم واعلموا أن المزاودات وأهلها هم من يضيعون ثمرة كل جهاد، وهم كحامل الكير، إما أن يحرقوا جهاد الشعوب، أو يؤذوهم بريح خبيثة.

11) التربية قبل حمل السلاح والمحاسبة بعده:

حمل السلاح يسكر الشخص أكثر من سكر الخمر
لذلك إن وضع السلاح بيد أناس خالي الوفاض من دين وتربية سيخلق آلاف المجرمين
وأيضا ترك السلاح منتشر بين أيدي الجميع دون حساب لمن أساء وتجاوز هو خرق لسفينة الثورة وحكم بالموت غرقا على كل من فيها
حمل السلاح مسؤولية تحتاج ناس أكفاء ذوو دين وخلق وتربية.

12) لايكلف الله نفسا إلا وسعها:

ثورات الشعوب المسلمة المطالبة بالكرامة والحرية والحقوق المسلوبة هي من أفضل الجهاد في سبيل الله وهي إقامة للشريعة وليس بالضرورة التصريح بأهداف إقامة دولة إسلامية أو خلافة لأن التصريح سيجلب على الشعوب المستضعفة من البلاء ما الله به عليم
كل المسلمين يحنون لخلافة واحدة تجمعهم، والعمل على عودة الخلافة واجب المسلمين جميعهم، وليس شعب واحد بمفرده
وتذكروا أن من يفشل في إسقاط نظام طاغوتي واحد وتحقيق الحرية والرفاه والأمان لشعب مسلم واحد، لن يستطيع أن يسقط نظاما دوليا ويقيم على أنقاضه خلافة إسلامية تحقق للمسلمين أمانيهم.

13) جهزوا أنفسكم لمفاجآت:

في بداية الثورات يكون الجميع متحدين ضد عدو واحد وهو النظام، بعد مضي فترة يبرز على الساحة أعداء جدد، قد يكونون خوارج تكفيريين، أو منافقين ادعوا الثورة ثم انقلبوا عليها، أو أناس ظنوا أنهم الوحيدون أصحاب المنهج الصافي فأرادوا أن يتغلبوا ويبتلعوا الساحة، أو صنف آخر نجهله.....
المهم ضعوا في أذهانكم أن كل من سيحاول حرف بوصلة الثورة هو عدو، وكل من يرفع سلاحه ضد الشعب أو الثوار هو عدو وعميل وإن كان في ماضيه ما كان، لا تخدعوا بالماضي ولا بالمظهر، فوحدهم الأموات لا يتغيرون.

14) لا تثقوا بالمجاهيل:

كل نبي أرسله الله إلى قومه هو معروف الشخص والنسب والتاريخ، ولا يظنن ممن صدر نفسه لقيادة الشعوب أو تمثيلها، أن الخطر عليه سيكون أشد من الخطر على رسل الله أو على الشعوب المكلومة، لذلك احذروا من كل مجهول يقود أو يفتي في الثورات، فهو عميل حتى يثبت العكس.

15) حافظوا على الهدف:

إذا كان هدفكم إسقاط النظام فإياكم أن تحيدوا عنه، ووطنوا أنفسكم أن البلاء والإجرام سيصب عليكم صبا لتحيدوا عن الهدف، وتتنازلوا من إسقاط النظام لحكومة ائتلافية معه، تنتهي بالغدر بكم من قبل النظام، ويذهب كل ما فعلتموه هباء منثورا.

16) السياسة سلاح تعلموا استعماله:

وحدهم المراهقون يظنون أنهم بسلاحهم يستطيعون إحراز النصر وإسقاط الأنظمة، ووحدهم المغفلون يظنون أنهم بالسياسة والسلمية يحوزون الحرية والعدالة والكرامة.
ثورة السلاح فقط تنتهي بالطرد والتشريد في الجبال والغابات، وثورة الأوراق والسياسة تنتهي بالمعتقلات أو مقاهي وبارات الغربة.
ميدان الجهاد السياسي لا يقل أهمية عن العسكرة بل يفوقه أحيانا، لأنه يصون ثمرة ومكتسبات الجهاد العسكري.
لذلك لا تخجلوا من التفاوض لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاوض المشركين وهادنهم لمصلحة الدعوة، لكن لا تفاوضوا إلا والبندقية على الطاولة.

17) الإعلام سلاح:

لا تستهينوا بالإعلام فهو من أقوى الأسلحة اليوم، ستكون الحملات الإعلامية لتشويهكم مكثفة عبر اتهامكم بالخيانة والعمالة والإرهاب، قبل أن تتعلموا فنون الإعلام من تصوير ومونتاج، تعلموا فلسفة الإعلام والحرب الإعلامية اللتان تمكناكم من توظيف الإعلام بأفضل صورة ممكنة، وحاولوا أن تخاطبوا كل الشعوب وتسمعوا صوتكم للجميع، لأن الفراغ الإعلامي المحلي والإقليمي والدولي إن لم تملؤوه أنتم، ملأته الأنظمة المستبدة ببروغاندة التشويه ضدكم.

18) الأخلاقيات:

الشعوب الشرقية تخلط بين الأخلاقيات الواقعية والمثالية، فلا يرون بالسيرة إلا اذهبوا فأنتم الطلقاء، رغم أن من قالها في وقتها صلى الله عليه وسلم، أمر بذات الوقت صحابته بقتل بعض الناس وإن تعلقوا بأستار الكعبة، لأن ليس الكل يصلح معه العفو، وغاية العفو هي ترغيبهم بالدعوة وليس لمجرد العفو.
وأيضا في السيرة النبوية النبي صلى الله عليه وسلم أعفى عن كثير من الناس، إلا أنه لم يعف عن بني قريظة حين غدروا بالمسلمين ونكثوا عهودهم مع اليهود.
لا تكونوا بوحشية الأنظمة التي تواجهونها، ولا تكونوا مثاليين خياليين، بل كونوا أخلاقيين واقعيين كما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم.

19) حافظوا على أمن ثوراتكم:

مخابرات الثورة هي جدار حمايتها، فأحسنوا بناءها
في أذهاننا ترتبط كلمة المخابرات بالتعذيب والظلم والآجرام نتيجة النماذج المشوهة التي رأيناها من الأنظمة المستبدة العميلة
لكن المخابرات عملٌ سامٍ يحفظ بيضة الشعوب ويصون حماها.
لا تكونا كالكتاب المفتوح يقرأه الجميع، ولا تكونوا مخترقين من قبل الجميع.

20) متى تنتهي الثورة؟

الثورة لا تنتهي بإسقاط النظام فقط، بل حقيقة الكفاح الحقيقي يبدأ بعد إسقاط النظام، لأن الثورة تكون بوضع هش وتحت تهديد اختطافها من قبل المتسلقين أو أنذال الثورات المضادة.
الثورة لا تنتهِ إلا بإنشاء نظام يكون أقوى من النظام المخلوع.......

هذه بعض النصائح من ثائر سوري تعلمها بثمن باهظ، هو ملايين الشهداء والجرحى والأيتام والأرامل والمعتقلين، ينقلها لكم عسى أن تحفظ لكم جزءا من فاتورة حريتكم......

جاد الحق



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق