01‏/10‏/2017

حول الاستهداف الأميركي لنظام الأسد

هناك قصة تاريخية جميلة أشار لها القرآن الكريم، أظنها تناسبنا اليوم بعيد الضربة الأمريكية على النظام السوري:

في عام 614 ميلادية، حصلت معركة بين الفرس المجوس والروم النصارى في بلاد الشام، كان الفرس تحت حكم خسروا أبرويز المعروف عند العرف بكسرى، والروم يحكمهم هراكليوس الصغير، المعروف بهرقل.

أسفرت المعركة عن انتصار الفرس نصرا ساحقا على الروم، حيث احتلوا بلاد الشام، وأسقطوا مدنها الهامة ذات المكانة الكبيرة عند النصارى، كإنطاكية والقدس وغيرها، واستمروا بزحفهم حتى احتلوا مصر.

استبشر مشركو قريش بانتصار الفرس المجوس المشركين مثلهم، على النصارى أتباع الديانة السماوية كأعداء قريش من المسلمين.

فنزل الله قوله تعالى: ” الـم . غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ “

وتحققت النبوأة القرآنية إذ استطاع الروم خلال بضع سنوات وتحديدا عام 622 أن ينتصروا على الفرس في معركة في أرمينيا، كانت باكورة انتصارات سريعة ومتتالية للروم على الفرس حتى استطاعوا إعادتهم لحدود العراق، واسترجاع ما خسروه منهم.

ونحن اليوم من حقنا كشعب مسلم مقهور من النظام الأسدي النصيري أن نستبشر بالقصف الأميركي على النظام، فإن أي خسارة للنظام من أي نوع هي مكسب للثوار، والعكس بالعكس.

في خضم هذه الفرحة علينا أن ننتبه لأمور هامة:

_) في السياسة خاصة الأمريكية، ليس هنالك شيء اسمه لوجه الله، أو تحرك لمبادئ سامية وقيم راقية، فكل تحرك هو بناء على مصلحة شخصية فقط، أي أن الضربة الأمريكية غايتها الأولى والأهم المصلحة الأمريكية فقط.

_) الكلام السابق لا يمنع أن تلتقي مصلحتنا في مرحلة ما، بمصلحة دولة أو كيان آخر ليس بالضرورة أن يكون حليفا لنا، لذلك نحن مأمورون شرعا كمسلمين، أن نتحرك ونسعى في إطار المصالح المشتركة مع الغير لتحقيق أكبر فائدة لنا وكل ذلك ضمن ضوابط الشرع.

_) الضربة الأميركية ليست غايتها إسقاط النظام، بل غايتها إعادة مرحلة التوازن العسركي من جديد بين النظام والثوار لاستمرار حرب الاستنزاف بين الطرفين.

_) علينا استغلال مرحلة خروج مطار الشعيرات عن العمل لتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض لطالما حرمنا منها بسبب القصف الجوي.

_) تحرك أميركا جاء بعد تهيئة الرأي العام العالمي، ليعطى التحرك سمة الإنسانية والثأر للمظلوم، ولطالما كان هذا ديدن الطغاة، كما فعل فرعون يوم أراد قتل موسى حيث هيأ الرأي العام لتقبل الجريمة وجعلها عملا للمصلحة العامة، حين قال: ” ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ “

_) الضربة الجوية جاءت بعد تكثيف الإعلام من قبل الثوار، وإيصال صوت الضحايا للشعوب الحرة، أو ما تبقى منها، فقبيل الضربة ببضعة ساعات نشرت جريدة الجارديان البريطانية تحقيقا لصحفيها ” كريم شاهين ” الذي دخل سورية بحماية حركة أحرار الشام الإسلامية، ليكذب ادعاءات الروس والنظام بخصوص الاستهداف الكيماوي لخان شيخون
وهذا يبين أهمية دخول الصحفيين الأجانب لسورية، وتقصير الثوار في ذلك.

_) يجب الانتباه أيضا لمسألة أن ليس جميع الصحفيين غايتهم الحقيقة، وإيصال الصورة كما هي، بل نسبة كبيرة منهم هم عملاء استخبارات غايتهم جمع المعلومات عن الثوار
لذلك وجب أخذ الحيطة والحذر، وعدم التعميم، فليس الجميع عملاء، وليس الجميع أطهار.

_) علينا استغلال الانكسار النفسي عند الشبيحة بعد الضربة الأمريكية، والاستهزاء بهم وبتصريحات الجعجعة لأبواقهم الخاصة بردة فعل النظام ضد من يستهدفه، وتطميناتهم بخصوص وجود الصواريخ الروسية، وذلك من أجل تحطيم معنوياتهم.

_) المعطيات السابقة أظهرت فشل وعوار من يلوم الثوار الذين يحاولون إيصال صوت الشعب المظلوم لكل العالم، إضافة لإظهارها قصر نظر وعقل من يظن أن انتصار الثورة يكون بالسلاح فقط.

_) وأخيرا علينا ألا ننجر وراء العواطف وننسى أن أميركا التي قصفت النظام، هي نفسها من دعمته وتدعمه وستدعمه ضدنا، وهي نفسها من كانت سببا مباشرا أو غير مباشر لجميع ابتلاءات المسلمين من قتل وتشريد ومجاعات وظلم، فمن العراق لفلسطين للصومال لسورية لأفغانستان للبوسنة والسودان، الأصابع الأمريكية تركت بصماتها في جرائم شنيعة ضد المسلمين، وما استهداف بشار إلا كف تأديبي من الأب الحنون للولد العاق.

جاد الحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق