01‏/10‏/2017

السلفية الجهادية من فلسطين حتى الثورة السورية

تتشابه الأفكار، تتشابه الأسماء، تتشابه التصرفات، يختلف فقط الزمان والمكان، هذه هي سمات المناهجة، أصحاب الفكر السلفيّ الجهاديّ.

نفس العقلية، بنفس التنظيمات والاستراتيجية، تنسخ نفسها مكررّةً تفس الأخطاء في أي مكان تزوره.

بعد إعلان الانسحاب الإسرائيلي من غزّة في 2005، ازدادت شعبية حركة حماس في عموم فلسطين، وترجم ذلك عبر انتخابها من قبل الشعب لتشكّل هي الحكومة وتزيح فتح عن الصدارة بعد سنواتٍ من التفرد بالحكم.

دخول حماس الانتخابات وتشكيلها للحكومة في عام 2006 كان أذاناً ببدء الحرب عليها من المناهجة، وافتُتحت هذه الحرب بخطابٍ للظواهريّ عام 2006 انتقد فيه سلوك حماس، ونعى قيادتها حسب تعبيره.

كان هذا الخطاب ضوءاً أخضر لحملة فكر السلفية الجهادية ، للتحرك ضدّ حماس، حيث صدرت فتاوى التكفير سريعاً ضدّ الحركة بسبب سلوكها المسار الديمقراطي، ومرجعيّتها الإخوانية، وحكمها بالقانون الوضعي، وعدم تطبيقها للشريعة الإسلامية في غزة، بعد أن تمكنت من الحكم بزعمهم.

قام السلفيون الجهاديون بالعديد من التفجيرات في غزة استهدفت صالات إنترنت، ومحلات حلاقةٍ نسائية، بدعوى أنها أماكن للرذيلة والفجور، ثم تطوّرت لاستهداف شخصياتٍ ومقرّاتٍ لفصائل المقاومة الفلسطينية.

أول تنظيمٍ سلفيٍّ جهاديّ أسّس بشكلٍ رسميّ كان باسم ” جيش الإسلام ” ، ومن أسسه هو ” ممتاز دغمش ” الذي كان رقيباً أولاً في جهاز الأمن الوقائيّ الفلسطيني، وله صلةٌ قويّةٌ ومباشرة مع “محمد دحلان”، وعائلة دغمش في غزة معروفةٌ بانخراطها في الأجهزة الأمنية التابعة لفتح، ومعادية لحركة حماس عداءً شديداً.

في آذار 2007 قام هذا التنظيم باختطاف الصحفي البريطاني ” آلان جونستون ” التابع لهيئة الإذاعة البريطانية، وأطلق سراحه بعد أربعة شهور، وحصلت في سنة 2007 اشتباكات بين جماعة “جيش الإسلام” وحركة حماس بما يعرف بمعركة الصبرة.

في حزيران 2009 قامت ثلاثة عناصر من جماعة السلفية الجهادية تعرف باسم “جند أنصار الله” بمحاولة اختراق السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، بما أسموه غزوة البلاغ، وقد قتل الثلاثة، والطريف بالأمر أن المحاولة كانت على ظهر خيول!!!!

في 14 آب 2009 ﺃﻋﻠﻦ “ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ ﻣﻮﺳﻰ” الملقب بـ “أبي النور المقدسي” ﺯﻋﻴﻢ “ﺟﻨﺪ ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﻠﻪ” ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ، ﺧﻼﻝ ﺧﻄﺒﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺠﺪ “ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ” ﺇﻗﺎﻣﺔ إﻣﺎﺭﺓٍ إﺳﻼﻣﻴﺔٍ ﻭﻗﺎﻝ : ” ﺳﻨﻘﻴﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﻣﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺜﻨﺎ ﻭﺃﺟﺴﺎﺩﻧﺎ، ﻭﺳﻨﻘﻴﻢ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻭﺍﻟﺠﻨﺎﻳﺎﺕ ﻭﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺳﺘﻌﻴﺪ ﻟﻬﺬﻩ الأمة ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻃﻌﻤﻬﺎ “

وارتج المسجد بتكبيرات أتباعه المستبشرين بالإمارة الإسلامية المعلنة فيه، لكن حركة حماس لم تمهل هذه الإمارة، إذ قضت عليها صباح اليوم التالي، بعد أن أمطرت المعتصمين في المسجد بوابلٍ من القذائف والذخائر الثقيلة، ثم اقتحمته منهيةً حياة من فيه، وعلى رأسهم “عبد اللطيف الموسى”، أمير إمارة “مسجد ابن تيمية” الإسلامية.

وفي يوم 14 نيسان عام 2011 قامت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔٌ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺳﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲّ “ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻤﺔ”، باختطاف الناشط الإيطالي ” فيتوريو أريغوني ” المتعاطف مع القضية الفلسطينية، ﻭﺃﻋﻠﻨﺖ ﺫﻟﻚ ﻋﺒﺮ ﺗﺴﺠﻴﻞ ﻓﻴﺪﻳﻮ ﻗﺼﻴﺮ ﻭﺿﻌﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻊ ﻳﻮﺗﻴﻮﺏ ، ﻇﻬﺮ ﻓﻴﻪ “ﺃﺭﻳﻐﻮﻧﻲ” ﻣﻌﺼﻮﺏ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺗﺴﻴﻞ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﻪ، ﻭﻃﺎﻟﺒﺖ المجموعة حكومة حماس ﺑﺎﻹﻓﺮﺍﺝ ﻋﻦ ﻣﻌﺘﻘﻠﻴﻦ ﺳﻠﻔﻴﻴﻦ جهاديين، ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻬﻢ ﺯﻋﻴﻢ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ، “ﻫﺸﺎﻡ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﻧﻲ” ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻋﺘﻘﻞ قبل ﺸﻬﺮٍ ﺑﻌﺪ ﺃﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺣﻘﺔ.

قبل أن تنتهي مدة التهديد قامت المجموعة بإعدام “أريغوني”، وبنفس الوقت ﻧﻔﺖ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺃﻱ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﻘﺘﻞ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﻹﻳﻄﺎﻟﻲ.

وﻣﺎ ﺃﺛﺎﺭ ﺍﻟﺠﺪﻝ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﻧﻮعاً ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺑﺘﺼﺮﻳﺤﻬﺎ الذي ﻗﺎﻟﺖ ﻓﻴﻪ : ” ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻫﻲ ﻧﺘﺎﺝٌ ﻃﺒﻴﻌﻲٌّ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﺠﻬﺎ ﺣﻤﺎﺱ ﻭﺣﻜﻮﻣﺘﻬﺎ ﺿﺪّ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻦ، ﻭﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﺣﺬﺭﻧﺎ ﺣﻤﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺿﺪّ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲّ ﺇﺭﺿﺎﺀً ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ”.

ﻻﺣﻘﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ ” ﺣﻤﺎﺱ ” ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺨﺎﻃﻔﺔ، ﺣﺘﻰ ﺍﺷﺘﺒﻜﺖ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﺖٍ ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻢ ﺍﻟﻨﺼﻴﺮﺍﺕ ﻭﺳﻂ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ، ﻭﻗﺘﻞ ﺍﺛﻨﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻻﺷﺘﺒﺎﻙ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺯﻋﻴﻢ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ الأردني ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ “ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺒﺮﻳﺰﺍﺕ” ﻭﺍﻋﺘﻘﻞ ﺛﺎﻟﺚ، ﻭﺣﻮﻛﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ.

هذا مرور سريع على ذكريات الشعب الفلسطيني المقهور في غزة مع المناهجة فيها، ولو جئنا لسورية واستعرضنا أفعال المناهجة لما وجدنا اختلافاً كثيراً.

تكفير أيّ هيئة سياسية تحاول أن تحصّل بعض الحقوق للشعب المقهور، إدخال الفصائل المقاومة والثائرة بمعارك داخلية الكل، تعطّشٌ رهيب للسلطة والحكم ولو كلّف ذلك إعلان إماراتٍ كرتونية تسقط سريعاً، تغلّفٌ بغلاف الدين لإكسابها لمحة قدسيّة يخدع بها السذج، استهداف وخطف المتعاطفين الأجانب مع القضايا الشعبية، والصحفيين الغربيين، مما يؤثر سلباً على قضايا الشعوب، ويروّج لدعايات الشيطنة التي يطلقها أعداء الشعوب من أنظمةٍ مجرمة، خطابات استعداء العالم وتهديده، ثم الاختباء بين المقهورين لجعلهم ترساً، وإعطاء النظام الدولي ذريعةً لاستهدافهم، أعمال إجرامية تستهدف المواطنين الآمنين، إلى آخر هذا السجل الأسود لأصحاب الأقدام الثقيلة….

ما يثير الاستغراب هو كون الفصائل الشعبية المقاومة هي العدو المشترك للمناهجة، ولأعداء الأمة على السواء.

في فلسطين من قام باغتيال القيادي في حماس “مازن فقها” شهر آذار الماضي، هو شخصٌ سلفيّ جهادي تم تجنيده عبر مجاهيل في منتدياتٍ جهادية، ليتبين أن هؤلاء المجاهيل هم “الموساد” الإسرائيلي، وبعد معرفة القاتل بذلك استمر بالعمل معهم، ويبدو أن ذلك بناءاً على فتوى شرعيّة من مجهولٍ آخر بجواز التنسيق مع الكافر الأصلي ( اليهود أو النظام السوري أو روسيا وإيران )، لقتل المرتدين ( حركة حماس، فصائل الجيش الحر، طالبان، وغيرها من فصائل المقاومة والجهاد ).

وبعد قرابة شهرٍ من مقتل القيادي “فقها”، قام مجرم آخر مجهول الهوية بقتل الشيخ “صلاح الدين الاوزبكي”، قائد كتيبة الإمام البخاري، صاحب السيرة العطرة، والفكر النيّر، والتجربة الجهادية الطويلة، عدو الغلاة، ونصير السنة، حيث قتله وثلةً من إخوانه وهم في صلاة المغرب، فهل سيكون القاتل كما هو المعتاد عميلاً بثوبٍ داعشيٍّ منهجيٍّ مارق؟؟

أكاد أجزم نعم فلطالما كان الدواعش الغلاة مطايا الاستخبارات، كيف لا وقد قال فيهم الصادق المصدوق “يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان”…

جاد الحق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق