07‏/09‏/2018

خيارنا المقاومة



الهزيمة في الحرب هي قرار واختيار، قبل أن تكون واقعا يفرضه الخصم.

حين تخسر معركتك الداخلية مع ذاتك، وترى نفسك أضعف من خصمك، فأنت بذلك تقدم مفاتيح هزيمتك لعدوك على طبق من ذهب، والعكس بالعكس، فحين تحسم المعركة مع ذاتك أولا، وترى منازلة خصمك حتى الرمق الأخير الخيار الوحيد، فلا شك وقتها أن خصمك سيحسب لك ألف حساب، فمن يختار المقاومة دفاعا عن حقه، يستحق بكل جدارة أن ينال شرف الانتصار على خصمه.

وها قد قالها الثوار مجددا، وأعلنوها مدوية، أن يا بشار أجلب علينا بخيلك ورجلك، واحشر شذاذ الآفاق من كل جانب، وادعهم ليأتوا لنصرتك من كل فج عميق، وأجمع أمرك علينا أنت وشركاؤك، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة، ثم اقضوا إلينا ولا تُنظِرون.

حين ننظر اليوم إلى مسيرة الانتكاسات العسكرية السابقة، ونتفكر فيها مليّا، نجد أن بعض أسباب ما مررنا به يعود لانخداعنا بطوائف هي المتردية، والنطيحة، وما أكل السبع:

1) من كان يراهن على الاندماجات العاطفية مع الغلاة، ويسوّق للشعارات الغوغائية، ويؤمن بمشروع التغلب ويسعى له، كل أولئك سقطوا، صحيح أنهم استنزفونا كثيرا، لكن ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.

2) غلاة الطرف الآخر، من المتمسحين بالثورة، وعلمها، واسم الجيش الحر، الذين يرون غلّو المتأسلمين مبررا لهم في الغلو المضاد، والمبالغة في الانسلاخ عن الهوية الدينية للشعب السوري، والتخلي عن العقيدة الجهادية القتالية، رأيناهم حين حمي الوطيس، كيف كانوا أول من لبى نداء المصالحات الخيانية مع النظام المجرم، درس قاسٍ لكننا نحتاجه أيضا!.

3) دعاة الواقعية السياسية، الذين إن أحسنا الظن بهم، فلا نخرجهم من زمرة المعتوهين، الذين يظنون أنفسهم هنري كيسنجر، وسيتمكنون من الضحك على ثعالب المخابرات، وحيتان العلاقات الدولية، ومنظري مراكز الدراسات الاستراتيجية!
بينما هم في الحقيقة مهرجون في المحافل السياسية، مهمتهم تحليل وتقنين جريمة ذبح الشعب السوري، من خسر هؤلاء فهو الرابح الأكبر!.

4) عديمو الهوية، المنهزمون النفسيون، الذين أقصى طموح لهم أن يرعوا جمال أردوغان، على أن يرعوا خنازير بوتين...
ما شاء الله على الهمة العالية، والثقة الكبيرة بالنفس!!
عزيزي الراعي، إن كنت لا ترى نفسك أكثر من راع لقطيع غيرك، فهلا رعيت لأهلك قطيعهم، وخرجت من عقدة الهزيمة النفسية، والانبهار الحضاري، بمنجزات الحلفاء، والشركاء!؟
هؤلاء تحديدا شر مستطير، وأحد أسباب انتكاساتنا السابقة، والحمد لله بدأ الناس بتفهم أبعاد اضطرابهم النفسي، وضرورة إقصائهم عن مراكز القيادة.

5) المفسدون بالأرض، من فصائل الخطف والاغتصاب والسرقات، أو المتسلقين على الثورة، سواءا من المحسوبين علينا، أو من المحسوبين على الحلفاء الأتراك، الذين يشوهون اسم الجيش الحر، واسم تركيا، ويزكمون أنوفنا برائحة إفسادهم، ليفسدوا عبير الدم الواحد الذي سفكناه لمصلحة الأمة التي تجمعنا بتركيا، هل تعتبرون فقدان هؤلاء خسارة!؟ لا والله بل هو الفوز العظيم..

فعلا نحتاج لانتكاساتنا السابقة، حتى نكشف هذه الفئات الجرثومية التي سببتها، وبالتالي نقتنع بوجوب تحييدها، وإنهائها، وبذلك تعاود جذوة الثورة اشتعالها في صدورنا لتضيء لنا طريق النصر.

ولو تصفحنا التاريخ، لوجدنا أن كل أمة سادت وصنعت حضارة كانت الحرب هي من صقلتها، ودفعتها لمقدمة الصفوف، فإما حرب استقلال، أو تحرير، أو توحيد، أو إسقاط لطاغية.

#خيارنا_المقاومة ونعم الخيار ما اخترناه لأنفسنا، فكم من ميتة علّتها طلب الحياة، وكم من حياة علّتها طلب الموت، وقديما قالت العرب " بقية السيف مباركة "
ولموت في عز، خير لنا من حياة في ذُلّ، وصدق الشاعر حين قال:

سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى

فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدى