31‏/10‏/2017

شو طالع بإيدي !؟

" شو طالع بإيدي !؟ "
هكذا عادة يكون الرد حين تطلب من شخص ما أن يقوم بواجبه في الإصلاح وبناء المجتمع.

" شو طالع بإيدي " ليست عبارة عامية لتوصيف حالة عجز مؤقت عن أمر ما، بل هي دلالة خطيرة على وباء مخيف فتك بمجتمعاتنا وأنفسنا حتى انتهى بنا الحال إلى ما نحن عليه.

يأتيك أحدهم ليملأك تشاؤما واكتئابا بحديثه عن انتهاء الثورة، وفشل الثورة، وأخطاء الثوار، وانحراف بوصلة الجهاد، وخيانات القادة، وخذلان الشركاء، تنكر الرفقاء، ..... إلى آخر قائمة الندب والعويل وجلد الذات المعهودة.

تسأله، وماذا فعلت أنت بهذه المصائب المتلاحقة، وما دورك في التخفيف عن المقهورين بهذه النكبات المتتالية؟
تسأله ذلك لأن كلامه يدل على حرقة قلبه، وحرقة القلب دليل على الاهتمام الكبير بالأمر ، والاهتمام الكبير بالأمر يدفع للعمل والبذل والصبر، فيأتيك الجواب صادما كنفخة الصعق " ليش أنا شو طالع بإيدي!؟ "

ثم ليقطع عليك الطريق، يقلب الاسطوانة على الوجه الآخر، فيحدثك عن هول المؤامرة الكونية، والماسونية العالمية، وسطوة النظام الدولي، وشراسة المعركة الإقليمية، وخطورة المرحلة الحالية، ..... إلى آخر قائمة المبررات اللانهائية، كل ذلك ليقنعك أنه فعلا ليس بيده شيء!!!!

وإني لأسأل نفسي ثم إخواني من صغار الثوار والطبقات الثورية البروليتارية المسحوقة، هل الماسونية العالمية تمنعنا من قراءة الكتب، وتجبرنا على إضاعة أوقاتنا على وسائل التواصل وفي المهاترات؟

هل الصهيونية لا تسمح لنا بتلاوة القرآن وتدبره، أو حفظ الأحاديث النبوية والعمل بها؟

هل النظام الدولي يقيدنا عن ممارسة الرياضة على أمل أن نصبح يوما ما بلياقة أعدائنا؟

هل القيادات الخونة والفاشلة تضع العراقيل بطريق كل شخص فينا حتى لا يكمل دراسته أو يقرأ كتبا تفيده أو يطور من نفسه بدورة ما أو يحضر كورس على الانترنت يستفيد منه أو يدعو إلى الله على بصيرة، أو يربي أبناءه على القدوات الحسنة، أو يعامل الناس بخُلُق حسن، أو يحسن لزوجته وأبيه وأمه؟؟؟؟؟

بعد أن نقف وقفة حق أمام أنفسنا نجد أن " شو طالع بإيدي " سراب نقيد أنفسنا به حتى لا نقوم بالواجبات الثقيلة على النفس.

من يمنعك عن تلاوة القرآن وتدبره، أو ذكر الله، أو الصلاة، أو الدعاء، أو قراءة الكتب، أو تقوية جسمك بالرياضة، أو نصح إخوانك، أو الإحسان لمن حولك، أو إكمال دراستك، أو تطوير نفسك بدورات ومحاضرات ودروس؟

من يمنعك عما سبق ليس الماسونية، ولا الصهيونية، ولا المخابرات الجوية، ولا إرهاب الأسد، ولا إجرام داعش، ولا حتى الاحتباس الحراري
من يمنعك هو نفسك الكسولة الأمّارة بالسوء، التي تحب الخمول، وتكره العمل.

أخي المجاهد والثائر، هناك الكثير مما تستطيع أن تقدمه وهو في متناول يدك، تحتاج فقط لقرار شجاع رجولي، تلزم به نفسك.

قرر أن تمتلك الإرادة واشنق عبارة " شو طالع بإيدي " واستبدلها بعبارة " أستعين بالله ولا أعجز ".

لو قال النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته " شو
طالع بإيدي " لما وصلنا هذا الدين العظيم.

لو قال البخاري " شو طالع بإيدي " لما جعل الله صحيحه أصدق الكتب بعد كتابه الكريم.

لو قال عماد الدين زنكي ونور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي " شو طالع بإيدي " لما كانت حطين وتحررت القدس.

لو قال محمد الفاتح " شو طالع بإيدي " لما نال بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية.


لو قال الشيخ أحمد ياسين العجوز مشلول اليدين والرجلين " شو طالع بإيدي " لما أرعبت حماس الكيان الصيوني والنظام الدولي من ورائه.

لو قلت أنت وقلت أنا أول الثورة " شو طالع بإيدي " لظللنا لليوم نسام سوء العذاب تحت " البوط العسكري " للبعث المجرم.

أخي الثائر والمجاهد تذكر الروح الأولى، والمظاهرة الأولى، والطلقة الأولى، وطوابير من صناديق شبيحة الأسد ملأ نتنها سوريا وإيران والعراق ولبنان.

تذكر الرعب في عيونهم وهم بسلاحهم الكامل، وأنت تتظاهر أعزلا

تذكر صرخاتهم المذعورة وأنت تدك حصونهم بسلاحك البسيط...

تذكر هذا كله لتعرف أنه طالع بيدك الكثير والكثير، فاستعن بالله ولا تعجز......


جاد الحق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق