24‏/02‏/2018

نعم أنا مع سفك الدماء


لست دراكيولا، ولا داعشي، ولا حتى من هواة أفلام Saw، لكني مسلم ثائر يحاول التفكير بواقعية بعيدا عن ضجيج المشاعر، وصخب الغوغاء.

قد تكون عبارة " سفك الدماء " قاسية وذات وقع ثقيل على الأسماع، لكن لو تفكرنا بها جيدا، ونظرنا إليها بكلتي عينينا لرأينا نصفها المشرق، الذي نصر الله به الدين، وحفظ به حدود الدنيا بين البشر حتى لا تصبح حياتنا فوضى.

لِمَ نتقزز من سفك الدماء بالمطلق إذا كان الله قد وعد من سَفَكَ الدماء في سبيله، وسُفِكَت دماؤه في رضوانه، بالدرجات العلى من الجنة؟
كيف جعل الله ( وهو أرحم الراحمين ) سكب الدماء سبيلا للفوز بأعلى الدرجات؟

لِمَ نظن أن حقن الدماء بالمطلق هو سبيل الرشاد؟ مع أن الشرع والعقل والتاريخ يدلون جميعا على عكس ذلك

ففي الشرع يقول الله { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب }
تفكر بروعة البيان التي أوصلت عظيم المعاني
في البداية قال الله لكم في القصاص ولم يقل لكم في العفو، ثم أردف رب العزة مبينا ما لنا في القصاص فقال حياة، لم يقل رادع، ولا زاجر، ولا تشفي، ولا عدل، بل قال حياة، حياة لكل المجتمع، وتأتي هذه الحياة لكل المجتمع من ضدها وهو القتل، لكن القتل لمن؟ لمن يستحق القتل بسبب التعدي على حدود الله خاصة الدم الحرام، فكما تجرأ المعتدي على الله وسفك الدم الذي حرم، كان لزاما على الله في الدنيا أن يهدر دمه قصاصا، وأن يكون في القصاص منه حياة لكل المجتمع.

ثم يختم الله الآية بتوضيح أن خطابه لأولي الألباب، أي أصحاب العقول الصحيحة، والفطر السليمة، الذين يعرفون بسوي عقولهم، وصحيح آدميتهم، أن ضبط المجتمعات الإنسانية لا يكون إلا بالعقوبات الرادعة لمن يخرق قوانينها.

بالتفكير العقلي الصحيح نجد أن المجتمعات الإنسانية التي تريد تحصين نفسها بقوانين تنظمها، إن لم تضع عقوبات زاجرة على من سيخرق هذه القوانين، وتعاضدت على تنفيذها فيما بينها دون ممالئة لشريف، أو تحامل على تضعيف، فلا شك أن طغيانها الداخلي بين مكوناتها سيقضي عليها قبل أي عدو خارجي، لذلك نجد أن كثير من التشريعات البشرية القديمة والحديثة أدرجت عقوبة الإعدام لبعض الجرائم الخطيرة، كالقتل أو الخيانة العظمى.

ونأتي للتاريخ أبي العلوم، العجوز الحكيم صاحب اللحية والرأس الأبيضين، ونسأله كيف يكون حفظ الدماء والحقوق وإقامة المجتمعات القوية؟

حدثني العجوز الحكيم بقصة مشرك على عهد النبوة اسمه أبو عزة الجمحي، أسره النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثم منّ عليه على ألا يقاتله، فخرج ناكثا بعهده يوم أحد ليقع بشر أعماله ويؤسر ثانية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن هذه المرة اتخذ القائد الأعظم صلوات الله عليه قرارا حاسما حازما بقتل هذا المشرك الناكث بالعهد وقال له " لاَ تَمْسَحُ عَلَى عَارِضَيْكَ بِمَكَّةَ تَقُولُ قَدْ خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنَ " لا ننسى أن هذا الفعل الذي يعده الحالمون الواهمون، والمثاليون الخياليون، عملا قاسيا شنيعا، صدر من النبي صلى الله عليه وسلم، بل قد يدفعهم الجهل والهوى والتعصب لذلتهم وانبطاحهم إنكار هذه الحاثة، وإن أنكروها فهل سينكرون ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ببني قريظة؟ أم هل سينكرون أن من أرسله الله رحمة للعالمين أمر بقتل عبد الله بن خطل يوم فتح مكة وكان متعلقا بأستار الكعبة؟

وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم حازما مع من يستحق القصاص، سار خليفته الصديق على نهجه حذو النعل بالنعل، فنجده يوم الردة قد حفظ للإسلام بيضته، وأعلنه صراعا صفريا بين المسلمين تحت سلطان الخلافة وبين من ارتد، لم يفرق بين من ارتد بالكلية، أو منع الزكاة، حتى عاد الإسلام صلبا فتيا بعد وباء الردة، وما سمعنا يومها أن حسان بن ثابت مثلا طرح مبادرة لحقن الدماء، أو عبد الله بن مسعود دعا لتشكيل محكمة شرعية بين المرتدين المجرمين، والمسلمين المؤمنين!!!

وفي العصر الحديث عبرة لمن أراد العبرة، ففي مصر لم يتخذ مرسي قرارا حاسما لمواجهة المنقلبين نتيجة أنه أعار أذنه للمتخاذلين، والمهزومين نفسيا، والمرتعبين ذاتيا، فكانت النتيجة استلام السيسي، وما أدراك ما السيسي!! قتل 4 آلاف شخص في مكان واحد بيوم واحد خلال بضعة ساعات، ووالله لو أن مرسي قتل من السيسي وزبانيته يوم انقلابهم 40 شخصا لتغير التاريخ.

أحبت القوى الدولية أن تعيد الدرس في تركيا بعد ثلاث سنوات، لكن القيادة التركية وعته جيدا، فأصدر أردوغان أوامره بالاشتباك حتى الموت وعدم التسليم للإنقلابيين، وزج بالقطاعات الموالية له في أجهزة الشرطة والجيش والاستخبارات، إضافة للجماهير الشعبية، زج بهم بقوة في المعركة، فكانت النتيجة ساعات قليلة من التوتر، و400 قتيل من الطرفين، ثم النصر لأصحاب الحق، ولو تردد أردوغان بقرار سفك الدماء لمن يستحق، لكانت النتيجة تعرفونها جيدا.....

كل ما سبق غايتنا منه إسقاطه على ثورتنا، فلو تصفحنا كوارثها لرأينا أعظمها ما كان من ترك قتال الخوارج والمفسدين والبغاة، سواء كان ذلك تورعا، أم ضعفا، فالنتيجة سيان وهي دمار الثورة.

ومن يحمل الوزر الأعظم هي تلك الشخصيات المقيتة، التي تشكل المعادل الثوري لجماعة " الله يطفيها بنوره والله يظهر الحق " والتي تصور كل رد لبغي حاصل، أنه اقتتال بين الطرفين، يتساوى فيه الباغي المجرم العميل، مع المجاهد المدافع عن حقه، فأي خير يتمناه الباغي العميل كمساواته مع المظلوم المدافع، وأي شر يخشاه المجاهد الصادق كجعله كالباغي الظالم!!!!

وكما بدأت كلامي أنهيه، نعم أنا مع سفك الدماء ولست مع حقنها، لكنها دماء الخوارج والمفسدين والبغاة، فبسفك دمائهم تحفظ دماء الأبرياء، ويصان حق المستضعفين، فلا تحقن الدماء إلا الدماء، ولا يرد القوة المعتدية إلا صفعة محرقة من كف الحق المدافع......

جاد الحق


17‏/02‏/2018

إيدز الثورة

إيدز الثورة

تمر الثورات عادة بمراحل تشبه مراحل نمو الإنسان، ففي بدايتها تكون عفوية ساذجة أقرب لبراءة الطفولة، ثم تقوى قليلا ويشتد عودها فتصبح عنيفة صعبة المراس، تمتاز بالطيش والتهور، كمراهق بدأ يتحسس عضلات ذراعه بفخر، ثم تستوي على سوقها، وتمتشق قامتها وتتهيكل ملامحها، وتزداد اتزانا ورزانة، كشاب عشريني بدأ يتلمس بحذر طريقه في الحياة، إلى أن تصل لذروة النضج، وكمال القوة محاكية ابن الأربعين، فتكون قد بلغت أشدها واستحقت النصر، ومن الثورات من يسير بنفسه منحرفا عن الجادة القويمة، كمن أبلى شبابه وصحته بما يضره، فتنتقل الثورة وقتها من الشباب إلى الشيخوخة بغمضة عين، لتقع فريسة أمراضها، ثم تلازم فراش الموت تعالج سكراته، إلى أن تموت وتدفن.

ومن الأمراض المنذرة بقرب نهاية أي ثورة مرض " إيدز الثورة " وهو نقص المناعة الثورية المكتسب، وبهذا المرض تخسر الثورة مناعتها وكرياتها البيضاء _ أبناءها العقائديين _ لتقع فريسة للمتربصين والانتهازيين.

إيدز الثورة، يأتي من العلاقات المحرمة، والتواصلات المشبوهة التي يقوم بها بعض أبناء الثورة مع جهات معادية لها في الداخل والخارج، أو عبر حقن جسم الثورة بدماء وسوائل غريبة عنها، تحتوي هذا الفيروس، تماما كمرض الإيدز البشري ( نقص المناعة المكتسب ).

فيروسات هذا المرض تتسلل لجسم الثورة، وتهاجم كرياتها البيض، وتظل تصارع هذه الكريات حتى تستسلم وترضخ، وتتقاعس عن أداء مهمتها في الدفاع عن الجسد الأم.

قد تكون الفيروسات حفنة دولارات تعطى لبعض القيادات، حتى يتخدر ضميرهم بلونها الأخضر الجاذب، وتسكر عقيدتهم برائحة أوراقها اللامعة، فيخلعون ثوب المحارب العقائدي، ليلبسوا بدلة المرتزق الأجير، الذي انحرفت بوصلته عن هدفه الأساسي، وصار يخلط بين أولوية من استأجره ( الداعم أو الحليف ) ومصلحة من استأمنه الدفاع عنه ( الشعب المظلوم ).

وقد تكون فيروسات إيدز الثورة مناهج سوداوية مخابراتية، تحقنها أيدي آثمة تلبس للتمويه أكفا بيضاء ببدن الثورة، فتهاجم كرياتها البيض، وتصيبها بما يشبه المس الشيطاني، فترى أهلها وإخوانها هم العدو الأول الواجب قتله وإفناؤه، وترى العدو الأساسي عدو ثانوي، وقد يكون حليفا في الحرب على الأهل والعشيرة.

ويوجد نوع من فيروسات إيدز الثورة ذاتي المنشأ، مرده لحالة الانتفاخ والتضخم الواهم الذي تعيشه بعض الشخصيات القزمية المتسلقة على الثورة، فقبل الثورة كان نكرة لا يُعرَف ولا يؤبه له، أما اليوم فقد أصبح القائد الفذ، وشيخ الإسلام، والعالم النحرير، والمفكر العبقري، وصارت القنوات والمواقع ووسائل التواصل تتناقل حركاته وسكناته، وتستخلص منها العبر والدروس، وأضحت صوره وكلماته إلهاما لجيل الشباب الطموح، وكل ذلك لا يعدو الوهم الإعلامي الافتراضي، أما الحقيقة فهي أنه رويبضة تكلم بأمر العامة وهو يدعي كاذبا الفهم، فبلغت وسائل الإعلام المسيسة بكذبته الآفاق، وصيّرته صنما.

عرفنا الداء وشخصناه وتكلمنا عن مسبباته وأعراضه، ويبقى السؤال ما السبيل لعلاجه ودرء خطره؟

صراحة سبيل العلاج لا يكون بصفصفة الكلمات، وتذويق العبارات، ونشر الكلام الإنشائي الطافح بالحكمة، بل يكون عمليا واقعيا بشكل صرف، فما نحتاجه هو القيادة الواحدة المجربة الحاذقة، التي تعرف كيف تسير بالدهاليز، وكيف تمر بالمنعطفات، وكيف تناور في المضائق، أما السير في الطرق المعبدة المستقيمة فجميعنا يتقنه.

نحتاج لقيادة تمتلك شجاعة الإقدام وليس فقط ثبات الصمود، قيادة صاحبة شخصية وحضور بين القوى الدولية، وتجيد فن ابتزاز الحلفاء قبل الخصوم للمحافظة على استقلالية القرار الثوري الوطني.

نحتاج قيادة تواجه بالعنف الثوري كل مفسد وخارج عن جادة الثورة، فحتى لا نغرق بالأحلام الوردية ونلصق كل أخطائنا الثورية بالمناهجة وعلى رأسهم داعش، علينا الاعتراف أن فشلنا في معالجة المفسدين وكفّ أذاهم، وفي استئصال الخائنين وجعلهم عبرة، هو من مهد الطريق للمناهجة في خداع الناس وتضليلهم، كما أن قلة ثقتنا بمنهجنا ورموزنا وأهداف ثورتنا، وانعدام اطلاعنا على تجارب غيرنا من الشعوب، هي من جعلنا نقع ضحية سكاكين مزاودات وخيانات المناهجة أدعياء الشريعة.

لن يصلح أمر الثورة إلا بوجود قيادة واقعية حازمة ذات قرار، تحالف الأصدقاء بناءا على تقاطع مصالح لا على تبعية وانقياد، وتقاتل أعداء الثورة داخلها وخارجها حتى تحيد مكرهم، أما التنظيرات والفلسفات فدعوها لرواد المقاهي، ومواقع التواصل.


جاد الحق


11‏/02‏/2018

مغتربو الثورة ورصيد الدعم غير المفعل

◾️نكاد نجزم أن هذه الفترة هي أشد فترة عصيبة اقتصاديا تمرُّ بالثورة، فالتشديد الحدودي مع تركيا، وإغلاق المعابر الشمالية بسبب المعارك، وارتفاع وتيرة التهجير والنزوح الداخلي في الشمال، وتراجع دعم المنظمات والفصائل، كلُّ ذلك دلائل على عمق الأزمة الاقتصادية للثورة السورية.

من الأمور التي أوصلتنا إلى هذا الوضع، والتي علينا الاعتراف بها كمقدمة لحلِّ المشكلة أو الاستفادة من الخطأ لاحقاً، عدم اهتمامنا بالمشاريع الإنتاجية، خاصة تشغيل المعامل وحمايتها، أو استثمار الأراضي الصالحة للزراعة.

لكن مايزال لدينا ورقة رابحة أظن أنها لمّا تأخذ دورها بعد في دعم الثورة، ألا وهي ورقة المغتربين الثوريين.

لايزال كثير ممَّن يؤمن بفكرة الثورة السورية موجودة في دول الخليج وتركيا وأوروبا، ويمتلك دخلاً جيداً جداً مقارنة بمن هو في الداخل، ولو أن كلَّ شخص من المغتربين الثوريين تبرَّع بمعدل خمسة بالمئة من دخله لصالح شخص يثق به داخل سورية، لساهم ذلك في دعم صمود الشعب السوري الحر المكلوم.

لا نريد مزيداً من المنظمات، بل نريد مزيداً من الجهد الفردي عبر القنوات الموثوقة الخاصة، خاصة أن الكثيرين يتذرعون أن المنظمات غير موثوقة، وهناك عدد كبير من المختلسين والمنتفعين فيها، لذلك يبقى التحويل الفردي لشخص موثوق أو عائلة بعينها، هو الحل الأفضل.

للأسف نجد نسبة كبيرة ممَّن هم في الخارج ومحسوبون على الثورة يساهمون في سحق الثوار وكرامتهم عبر تعييرهم أنهم يتبعون لفصيل لديه سلبيات، أو بموضوع الدعم الخارجي المسيس، ويرسمون لهم صورة قاتمة ظالمة على أنهم مرتزقة ولصوص، وهذا يدفعني للتساؤل عن دور المغتربين الثوريين في دفع عجلة الثورة للأمام، مقابل من يتهمونهم بالارتزاق واللصوصية!

النسبة العظمى من الثوار في الداخل إما انضوت تحت فصائل عسكرية غير مقتنعة بها أو بسياستها؛ لأنها تريد أن تبقى حاملة للسلاح المدافع عن الثورة من غير أن تموت هي وعائلاتها من الجوع، أو تركت العمل العسكري لصالح المنظمات المدنية، وهناك جزء كبير منها يملك أجندات مشبوهة، التي تدفع أكثر من الفصائل العسكرية، وهذا يعني تحييد نسبة أكبر من الشباب الثائر عن العمل العسكري، وبالتالي خلق فراغ في صفوف حملة السلاح لن يسدَّه إلا اللصوص والمرتزقة.

لو أن الشباب الثائر في الداخل وجد من إخوانه في الخارج السند والإعانة، لكان أصلب موقفا تجاه مصلحة الثورة، ولبذل أكثر وتمسك أعمق بثوابته الثورية، وعاد نفع ذلك كلُّه على الصالح الثوري العام.

لن أسرد الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة عن فضل كفالة المجاهد والأرامل والأيتام، وفضل الإنفاق في سبيل الله، لكن سأعطي مثالين من واقعنا:

في حرب الإبادة التي شنها الصرب على مسلمي البوسنة في تسعينيات القرن الماضي، تواطأت الدول وفي مقدمتها من يدعي الإسلام على حظر إيصال السلاح والمال لمسلمي البوسنة، وهنا برز دور المغتربين في دعم قضيتهم مالياً، وتحريكها سياسياً حتى استطاع المسلمون كسر العدوان الصربي، والمحافظة على ما تبقى من وجودهم في البلقان.

إيران التي تحرك عشرات الميليشيات العسكرية الطائفية حول العال، تعتمد على مصدر مالي مهم في تمويلها، ألا وهو الخُمُس الذي يدفعه عوام الشيعة لرجال دينهم، وهو ضريبة تمثل 20 بالمئة من الناتج الفردي تعطى للملالي (رجال الدين)، التي تشكل مصدراً تمويلياً قوياً للميليشيات الشيعية.

قد تبدو فكرة التبرع بخمسة بالمئة لدعم الثوار فكرة غير منطقية أو ساذجة .. لا مشكلة، لنعتبرها تحفيزاً ذهنياً لخلق أفكار إبداعية تضمن تحقيق الدعم المالي المطلوب للثورة بما يحقق لها استقلالية قرارها.

جاد الحق


02‏/02‏/2018

من حماة لإدلب وتستمر المجزرة

الثاني من شباط 1982 ، تاريخ كتبه المجرم حافظ الأسد بدماء الأبرياء ليكون درسا اعتباريا، وواعظا بليغا، لكل حر تراوده نفسه الكريمة التحرر من ربقة آل الأسد وزبانيتهم.

بعد أن طُويت الجريمة، وحُبست في درج الكتمان عشرات السنوات، جاءت ثورة الحرية لتكسر سجنها، وتنشر قصتها، محاولة أن تعيد جزءا من حق الضحايا علينا، على الأقل أدنى حق لهم وهو حق الاعتراف ببشريتهم ومظلوميتهم، وعدم تحولهم لأرقام منسية، وخانات فارغة في دائرة النفوس.

لن أسرد تفاصيل المجزرة لأسباب كثيرة، لعل أهمها هو حجم المأساة المخرس لأفصح الألسنة، والملجم لأسيل الأقلام، فاليوم فقط حين أردت أن أكتب عن جرحنا الحموي، أحسست بما أحس به المؤرخ ابن الأثير يوم ترك التأريخ لحادثة اجتياح المغول بلاد الإسلام سنوات عديدة من ألم المصاب، ومن أراد تفاصيل عن الحادثة ليراجع كتاب الصراع على السلطة في سوريا للكاتب الهولندي نيكولاس فاندام، أو كتاب التجربة الجهادية في سوريا للشيخ أبي مصعب السوري.

ما يهمني في مأساة حماة هو بعض الدروس المستفادة، والحوادث المتشابهة، التي يخشى أن تعطي نفس النتائج لا سمح الله.

من يطالع تاريخ حقبة المجزرة يلاحظ أمور مشابهة لما يحدث اليوم، فكما كانت  بالأمس المعارضة السورية ضد الأسد الأب مشتتة، هي اليوم مشتتة أيضا ضد ابنه، وكما اعتمد الأسد الأب على خونة السنة من مشايخ، وتجار، وصناعيين، وضباط، اعتمد الابن أيضا عليهم، طبعا مع جعلهم في الصفوف المتدنية، لأن الأماكن الرفيعة تبقى للخلّص من النصيرية.

لم يبدأ حافظ الأسد بمجزرة حماة إلا بعد الإمساك بالمدينة المهمة ألا وهي حلب، فبعد حالة الثورة والإضراب والعمليات الأمنية ضد النظام التي شهدتها حلب، تم تطويقها واجتياحها من قبل الفرقة الثالثة بقيادة المجرم المدعو شفيق فياض، ومن تبقى من المجاهدين تم تجميعهم في حماة لتصفيتهم هناك.

اليوم بعد سقوط حلب تم تفريغ العديد من المناطق، وتجميع المجاهدين في إدلب الأقل أهمية استراتيجيا تمهيدا لمجزرة مماثلة.

في الثورتين نجد التواطؤ الدولي نفسه مع النظام المجرم ضد الشعب، مع رضا ودعم أميركي وروسي مشترك، وفي الثورتين يبرز الدور الفاشل للجماعات المتأسلمة والذي يرقى لمستوى الخيانة، سابقا كانوا الإخوان المسلمين، واليوم السلفية الجهادية.

في ذروة مجزرة حماة كانت تخرج مجلة النذير التابعة للإخوان المسلمين _ محيسني ذلك الوقت _ لتبث أخبار من قبيل أبشروا وبشراكم والفتوحات والانتصارات، في وقت كانت دماء الأبرياء والعذارى تسيل أنهارا.

في مجزرة حماة لتقوم القيادات الفاشلة والعميلة بامتصاص غضب الشباب ومنعهم من اتخاذ موقف ينقذ الوضع، قامت بمسرحية عنوانها ما يسمى نفير بغداد ونفير عمان، حيث حجزت ألف شاب مجاهد في المعسكرات بحجة الإعداد لساعة الصفر، وقرأت عليهم صباح مساء أخبار الانتصارات الكاذبة، ثم حين أعلن حافظ الأسد انتهاء المجزرة، صارحت قيادات الذل والفشل قواعدها المٌضَلَلَة بالحقيقة المرة، لتأتي الصدمة بعد فوات الأوان قاصمة لظهر الشباب.

اليوم تقوم نفس القيادات العميلة بامتصاص غضب الشباب وتخديرهم عن واجب الوقت، بكلمات عاطفية، وتبريرات ترقيعية، وحركات مسرحية، حتى يكونوا مخدرين تماما حين تصل سكين النظام لأعناقهم، فلا يحسوا إلا حين يرون دم وريدهم ينزف.

علمت قيادات انتفاضة الثمانينات بكامل مخطط النظام لمدينة حماة قبل ست أشهر من المجزرة عبر تنظيم الضباط الأحرار في الجيش السوري، والذي كُشف لاحقا وتمت تصفية أبطاله من قبل النظام ( أكثر من 400 ضابط من خيرة ضباط سوريا ) وأصابع الاتهام تشير لدور بعض القيادات العميلة لجماعة الإخوان المسلمين.

اليوم ما يجري أكثر وقاحة وفظاظة، فالكل يعرف ما يحاك لإدلب من سنة، والكل رأى دور التنظيمات العميلة ( على رأسها هتش ) في تسليم المحرر بعد ضرب الأحرار من الجيش الحر واعتقالهم وتغييبهم نيابة عن النظام المجرم،  ولا ننسى أن هذه التنظيمات العميلة تشكلت بذريعة حماية ما تبقى بأيدينا من مصير مشابه لمصير حلب، وكانت إرهاصات ولادتها المشؤومة هو تفكيك الفصائل الثورية المقاتلة بحجة تخاذلها بالدفاع عن المحرر، والحمد لله أن رأى كل ذي عقل سليم من كان يدافع فعلا عن المحرر، ومن اليوم يسلمه للنظام، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد.


لكن بعد هذه التشابهات، يبقى سؤال معلق، ما العمل حتى لا تكون إدلب حماة جديدة؟


أولا فضح شركاء النظام، ومخابراته خلف خطوطنا ( هتش ) ، وتوعية الشعب لما يحاك له.

ثانيا عدم الركون لهذا التنظيم الخبيث وقياداته العميلة، ومحاولة سحب من تبقى من المغرر بهم بداخله.

ثالثا إعلان الثورة ضد مخابرات النظام في المحرر ( تنظيم هتش ) ومهاجمة معتقلاته وسجونه، وعلى رأسها تدمر المحرر ما يسمى بسجن العقاب، وغيره من المعتقلات التي يقبع بها الأحرار من القادرين على وقف مخطط التسليم.

رابعا تشكيل جيش ثوري شعبي من المدنيين والفصائل الشريفة، ويرأس هذا الجيش قائد واحد مدعوم بمجلس شورى، ويكون الجميع ممن يرضاهم الناس دينا وقوة.

خامسا عدم ترك للنظام فرصة الاستفراد بإدلب ضمن ما يخططه، بل العمل على إرباك مخطط النظام وعرقلته بالانتقالة من خانة رد الفعل، إلى خانة الفعل.

وأحذر أهلي في إدلب من عمليات فوضى مقصودة يقف خلفها زبانية الجولاني، وأذكرهم أن كل ما يغتنم من هتش هو حق عام للمجاهدين، ولا يجوز استعماله إلا في رد صائل النظام النصيري، فلا ننجر خلف كل غوغائي وناعق، يتمنى الفوضى والتفلت ليصطاد بالماء العكر، والأهم أن هناك أفعى خبيثة ترقد في وكرها تنتظر الوقت المناسب لتلدغنا وهي بقية جند الأفعى البائدين، وفلول الدواعش المنهزمين، وأذناب منهج التكفير المجرمين، الذين يرصون صفوفهم لإكمال مخطط أخوهم في البيت الواحد في تسليم ما تبقى من المحرر حين يأتي الوقت المناسب.


#جاد_الحق


01‏/02‏/2018

لعشاق التغلب، دليلك لصنع انقلابك الخاص

تقدم النظام في إدلب، وازدياد التسلط والقهر الممارس باسم الدين على المنكوبين من قبل #هتش ، وانفضاح عورة الهتش _ وهي كلها عورة بالمناسبة _ وعمالتها لأعداء الثورة بعد عمليات التسليم الممنهج للنظام النصيري، كل هذه المؤشرات تدل على اقتراب موعد دورة البغي عند #هتش

وحتى لا تكون ثقافة التغلب والانقلابات العسكرية، والبغي حكرا على جهات بعينها، قررنا أخي المواطن أن نساعدك في صنع تغلبك الخاص عبر #دليلك_لصنع_تغلبك_الخاص




لعشاق التغلب، #دليلك_لصنع_تغلبك_الخاص

مع انتشار موضة التغلب وفتاويه، وكثرة المرقعين للمتغلبين، قررنا عزيزي المواطن مساعدتك في أن تصنع انقلابك العسكري الخاص، أو ما يعرف ترقيعيا بتغلبك لجمع الكلمة، وتوحيد الصف.

درسنا الكثير من الانقلابات العسكرية، واستفدنا بشكل خاص من شخصيات مؤثرة، مثل حسني الزعيم صاحب أول انقلاب عسكري في التاريخ العربي الحديث، وعبد الفتاح السيسي المشهور باسم " بلحة " ، والغامق عفوا الفاتح أبي محمد الجولاني، وخرجنا لك بهذه الخطوات الست:

أولا اختر وقتا مناسبا للانقلاب، والأفضل أن يكون بذروة مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية تعصف ببلدك، كمأساة سقوط #حلب مثلا، أو تقدم النظام في #إدلب .

ثانيا جهز فريقا جيدا من الأبواق والمرقعين لتقديم الدعم الدعائي والتجييش العقائدي، والأفضل أن يكون الفريق منوعا بحيث يغطي جميع الشرائح ( شوية إعلاميين، عشوية مشايخ، عشوية قيادات متسلقة، عشوية " مفكرين " و " باحثين " عشوية ناس مالها علاقة ) بس المشايخ بالذات كتر منهم، خاصة المستقلين.

ثالثا قبل انقلابك، قدم أوراق اعتمادك لدى قوى دولية، والأفضل أن تكون من أعداء شعبك الذي تنوي الانقلاب عليه، حتى لا ترى راداراتهم وأقمارهم الصناعية، أرتالك العسكرية وهي تتجه لقتل الشعب الذي ما خرجت إلا لنصرته.

رابعا قم بتغييب أو اعتقال أو تصفية أي شخصية قد تعرقل انقلابك، وسيطر على الأماكن الحيوية، والمواقع الجغرافية التي تضمن استمرار تنظيمك المخابراتي، كمعبر باب الهوى، وجبل الزاوية مثلا.

خامسا جهز مسبقا بيانات التخوين، وفتاوى التكفير لإخوانك المنقلب عليهم، وبنفس الوقت بيانات وفتاوى الترقيع للقطعان التي تتبعك، لأن الأحداث المتسارعة لن تعطيك لحظة صفاء ذهني لإعدادها.

سادسا في التنفيذ كن واثقا بنفسك واضرب بالرأس وهم يُبعَثون على نياتهم.


وبالنهاية نقول لك ألف مبروك أن أصبحت طاغوتا كفرعون وحافظ الأسد، حين تجرأت على محارم الله وسفكت الدم الحرام في سبيل شهوة الحكم والمال، ونأمل من الله أن يلحقك ويحشرك عاجلا غير آجل مع من تشبهت بهم.

جاد الحق