07‏/10‏/2017

هل أصبحت الحرب العالمية الثالثة على الأبواب؟

بعد حادثة البوعزيزي وتفجر الربيع العربي، اتخذت المجريات منحى دراماتيكي متصاعد ( ثورات شعبية، إسقاط أنظمة مستبدة عمرها عشرات السنين، ثورات مضادة، حروب أهلية ) كانت فيها أحداث منطقة الشرق الأوسط هي الأشد تأثيرا وتأثرا بالخارطة العالمية.

إلى أن أصبحنا اليوم في واقع تراجعت فيه هيمنة القطب الأميركي الواحد لصالح الهيمنة الروسية المتزايدة على أرض سوريا وأوكرانيا، والتمدد الصيني، وخروج إيران بحصة الأسد عبر نشر أذرعها لتطويق أربع عواصم عربية، مع محاولة تركيا زيادة نفوذها الإقليمي، ولايزال أمامها عقبة حزب العمال الكردستاني وأذرعه.

 قد يصبح الpkk وأذرعه سببا لتقارب تركيا مع النظام السوري على حساب الثورة، لأن تركيا ترى القوميين الأكراد على رأسهم ال pkk، التهديد الأول لها، ومن مصلحتها التحالف مع النظام السوري وشركائه الإيراني، والعراقي، ضد هذا التهديد.

النظام السوري بيده ورقة قوية للضغط على الحكومة التركية، وهي خوف الحكومة التركية من الانزلاق في أوحال الحرب، لأن نجاح العدالة والتنمية قائم على النهضة الاقتصادية والبنيوية التي حققها للمجتمع التركي، والتي قد يقوضها النظام السوري بدعمه ال pkk للقيام بعمليات إرهابية داخل تركيا، أو عبر جرها لحرب أخرى، تدفع الشعب ليضغط على حكومته حتى يعود لسياسة صفر مشاكل مع النظام السوري، وغيره.

ما يدفع أكثر باتجاه تقارب تركيا مع المثلث الشيعي برؤوسه إيران، العراق، سوريا، هو فشل الثوار للآن في لململة صفوفهم وإثبات أنفسهم كشركاء يوثق بهم بالنسبة لتركيا، ولوقوع نسبة منهم تحت هيمنة الأجندات المعادية، خاصة ما يدعم منها تمدد الانفصاليين الأكراد في سوريا.

في الجنوب السوري، تحاول الميليشيات الشيعية أن تعزز من تواجدها، بمناطق قريبة نسبيا من الكيان الصهيوني، مما دفع الكيان للقيام بالعديد من الغارات التي استهدفت أغلبها شحنات سلاح أو مراكز تتبع بشكل أو آخر لحزب الله، وأطلق الكيان الصهيوني تهديدات أتبعها بمناورات شمال فلسطين المحتلة، بما يُفهَم أنه رسائل مباشرة لإيران وميليشياتها بأن الكيان الصهيوني لن يسمح بخلق حزام إيراني ضاغط على حدوده الشمالية، يشابه ما فعلته إيران مع السعودية، وكل ذلك يتم برضا روسي غربي لتقليل مكاسب إيران وحجمها.

بنفس الوقت يزداد الضغط الإيراني على السعودية، إما نتيجة فشل وتخبط السياسة السعودية، أو عبر  دعم الحوثيين في اليمن، وشيعة الإحساء في الشرق، مع التغيرات العاصفة التي ضربت الخليج كحصار قطر، الذي استفادت منه إيران لأقصى حد، والذي قد يكون المسمار الأخير في نعش مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى المسار العلماني المناهض للدين الذي تسلكه المملكة بقيادة محمد بن سلمان وتجلى ذلك بعدة أمور ليس آخرها اعتقال الدعاة الإصلاحيين، الذين كانوا لعهد قريب الدعامة الأقوى لسلطة آل سعود، عبر إضفاء صبغة شرعية على حكمهم.

جدير بالذكر أن الخطوات السريعة الواسعة للسعودية في المسار العلماني بقيادة بن سلمان، لاقت استهجانا وتخوفا من العديد من الشخصيات والمؤسسات المؤثرة في السياسة الأمريكية، خاصو بعد اغتيال خاشقجي، لأنها تعتبر خروج خطر عن المألوف يهدد المصالح الأمريكية المزدهرة في الخليج بوجود آل سعود كصمام حماية لها، بما يضفيه عليهم رجال الدين المأجورين من مسحة قداسة، لكن لإدارة ترامب رأي آخر، فهي على عكس الإدارات الأمريكية السابقة، إذ تعتبر الأوقح على الإطلاق، حيث ترى أن التهديد الحقيقي لأمريكا هو في الإسلام نفسه، على عكس من سبقها في حصر المعركة إعلاميا وديبلوماسيا بما سمته الإسلام الراديكالي المتشدد.

في أقصى شرق الكرة الأرضية تتسارع خطوات كوريا الشمالية، حليفة الصين وروسيا، في مسيرتها للوصول للقنبلة النووية، وتتعالى مع هذه الخطوات تهديدات زعيمها لأميركا وحلفائها في شرق آسيا كاليابان وكوريا الجنوبية.

هناك أيضا نزاع حدودي قديم بين اليابان وروسيا، واليابان والصين، مع رغبة الصين الملحّة للسيطرة، عبر مبادرة " الحزام والطريق " التي تهدف من خلالها لخلق نظام اقتصادي سياسي يربط الدول التي تقع غربها حتى أوروبا، بفلكها، وهذا هو أحد أسباب نكبة مسلمي تركستان الشرقية، ومسلمي الروهينجيا.

هذه المبادرة الصينية تهدف لإعادة فتح طريق الحرير المشهور لكن بشكل عصري، من الصين حتى أوروبا، وبفرعين بحري وبري، مرورا ب 68 بلد
ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺒﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ 6 ﻣﻤﺮﺍﺕ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺒﺤﺮﻱ
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻤﺮﺍﺕ ﻫﻲ :

ﺍﻟﺠﺴﺮ ﺍﻟﺒﺮﻱ ﺍﻷﻭﺭﺍﺳﻲ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻏﺮﺑﻲ ﺍﻟﺼﻴﻦ إﻟﻰ غرب روسيا.

ﻣﻤﺮ ﺍﻟﺼﻴﻦ - ﻣﻮﻧﻐﻮﻟﻴﺎ - ﺭﻭﺳﻴﺎ، ﻣﻦ ﺷﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺼﻴﻦ إﻟﻰ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻟﺮﻭسي.

ﻣﻤﺮ ﺍﻟﺼﻴﻦ - ﺁﺳﻴﺎ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ - ﺁﺳﻴﺎ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، ﻣﻦ ﻏﺮﺑﻲ ﺍﻟﺼﻴﻦ حتى ﺗﺮﻛﻴﺎ.

ﻣﻤﺮ ﺍﻟﺼﻴﻦ - ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ، ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺑﻲ ﺍﻟﺼﻴﻦ إﻟﻰ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺓ.

ﻣﻤﺮ ﺍﻟﺼﻴﻦ - ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ، من ﺟﻨﻮﺏ ﻏﺮﺑﻲ ﺍﻟﺼﻴﻦ إﻟﻰ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎﻥ.

ﻣﻤﺮ الصين _ الهند _بنغلادش _ ميانمار، ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺑﻲ ﺍﻟﺼﻴﻦ إﻟﻰ ميانمار.

ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺒﺤﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺘﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﺣﻞ ﺍﻟﺼﻴﻨﻲ ﻋﺒﺮ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮﺭﺓ ﻭﺍﻟﻬﻨﺪ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ.

جدير بالذكر أن القوتين الصاعدتين الصين والهند هما دولتان نوويتان، بينهما نزاع قديم على منطقتين، الأولى هي ﻫﻀﺒﺔ " ﺃﺭﻭﻧﺎﺗﺸﺎﻝ ﺑﺮﺍﺩﻳﺶ "، وهي ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺣﺪﻭﺩﻳﺔ شرق الهند، ﺗﻘﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﻭﻣﻤﻠﻜﺔ ﺑﻮﺗﺎﻥ، ومساحتها حوالي 4000 كلم مربع، والثانية هي " ﺃﻛﺴﺎﻱ ﺗﺸﻴﻦ " ، وهي ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﺘﻨﺎﺯﻉ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﻭﺍﻟﺼﻴﻦ ﺗﻘﻊ ﻏﺮﺏ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻬﻴﻤﺎﻻﻳﺎ ، ﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ ﻧﺤﻮ 38 ﺃﻟﻒ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮ ﻣﺮﺑﻊ، ﻭﻫﻲ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺗﻘﺮﻳﺒﺎً، ﻭﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﺤﺔ، ﻭﺗﺨﻀﻊ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ، ﻭﺗﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﺼﻴﻦ ﺟﺰﺀﺍً ﻣﻦ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺷﻴﻨﺠﻴﺎﻧﻎ، ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻭﺗﻌﺪﻫﺎ ﺟﺰﺀﺍً ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻟﺪﺍﺥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺟﺎﻣﻮ ﻭ ﻛﺸﻤﻴﺮ.

هذه التوترات الحدودية، إضافة لمسألة لجوء الدالاي لاما للهند هربا من الصين، سببت نشوب حرب بين الطرفين عام 1962، وكادت أن تقع حرب أخرى عام 1987 بعد سلسلة مواجهات حصلت ذلك العام.

وهناك أيضا النزاع الباكستاني الهندي  _وباكستان دولة نووية _  حول إقليم جامو وكشمير، خاصة مع التصعيد الأخير بين الدولتين، وثلاث حروب بينهما في تاريخهما المشترك، مع فقدان باكستان لحليف إقليمي مهم هو حركة طالبان والتي ساءت العلاقة بينها وبين باكستان بعد انقلاب مشرف وتحالفه مع أميركا ضد طالبان، وتلقي طالبان لدعم من روسيا والصين والهند ضد أميركا حليفة باكستان.

وفي أوروبا يزداد النفوذ الروسي المهدد لأمنها في شرقها، مع مخاوف من غزو روسي لشرق أوكرانيا، أو لروسيا البيضاء ودول البلطيق، كما فعلت روسيا حين غزت جورجيا عام 2008.

روسيا تخنق أوروبا اقتصاديا، عبر تحكمها بقسم كبير من وارداتها الطاقية، من خلال أنابيب الغاز المسال المارة من أراضيها، وتمنع وصول بدائل له من قطر أو إفريقيا، إضافة لزدياد شعبية وسطوة اليمين الأوربي المتطرف صاحب الخطاب العدائي للمسلمين، تحديدا اللاجئين منهم، حيث يستفيد من المشاكل الداخلية للدول الأوروبية لاستغلالها في الترويج لأجندته، وتزداد مخاوف انهيار الاتحاد الأوروبي وتفكك وحدة القارة، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، وطلب اسكتلندا الاستقلال عن بريطانيا، ومطالبة اليمين الهولندي والفرنسي بانسحاب بلديهما من الاتحاد الأوروبي، وتنامي دعوات الاستقلال في الباسك وكاتلونيا وغيرها، كل هذا ينذر بمستقبل أوروبي يحول هدوء القارة النسبي، إلى فوضى مدمرة.

إلى الجنوب من أوروبا نجد أنظمة مستبدة يسبب إفسادها الممنهج احتقان متزايد عند الشعوب، ونزاع مسلح متعدد الأطراف في ليبيا، وازدياد موجات اللاجئين للقارة العجوز من إفريقيا، وقضية سد النهضة وما سيشكله من مشاكل استراتيجية خطيرة على مصر، وقائمة من المشاكل التي لا تستطيع إحصاءها وتوجد في إفريقيا من زمن يجعلك لا تتخيل إفريقيا إلا بهذه المصائب.

جدير بالذكر أن التطور التكنولوجي، خاصة بمجال الذكاء الصنعي، سيحرم ملايين البشر من وظائفهم ويستبدل الآلات بهم، مما سيتركهم بحالة عطالة عن العمل، ولن يجدوا سوى التجنيد والخدمة العسكرية للعمل بها.

كل ما ذكرناه سابقا يخبرك بأن كوكب الأرض في حالة تشنج مستعصي، سيعقبه على الأغلب انفجار حرب كونية ثالثة قد تكون أخطر مما سبقها بسبب اتساع رقعة الصراع، وكثرة الأطراف المتصارعة، وتشعب مصالحها، ووجود السلاح النووي بيد أطراف متعددة، لكن في هذه الحرب هناك أمل يلوح بالأفق للشعوب المستعبدة من النظام الدولي في مختلف أنحاء الأرض لتنعتق منه، إذا أحسنت استغلال سنة التدافع الكوني لهدم ما تبقى من نظام القطب الواحد، وخلق نظام متعدد الأقطاب تجد الشعوب المستضعفة فيه متنفسا لتبني نفسها وتنتزع قرارها الوطني وسيادتها.

وعلينا كشعوب مسلمة تعتبر أكثر من عانت من رق النظام الدولي، سواء أصابت توقعات الحرب العالمية الثالثة وسقط على إثرها النظام الدولي، أو أخطأت، علينا في الحالتين ألا يشلنا اليأس، ولا يخدرنا الأمل، عن وضع استراتيجية خاصة بمصالحنا، تنطلق من عقيدتنا، وتناسب وضعنا، حتى لا نقع باستراتيجيات الدول والشعوب الأخرى كما حدث معنا في الحربين العالميتين السابقتين.

جاد الحق

هناك 3 تعليقات:

  1. عبدالرحمن الشافعي27 فبراير 2019 في 7:25 م

    نظرة شاملة وجهد مبارك ان شاء الله..
    جزاك الله خيرا .

    ردحذف
  2. كلامك كلو غلط بغلط من يحكم العالم هم اليهود واليهود هم من يديرون جميع الدول بلا استثناء، حتى امريكا عبدة لهم، لا احد يستطيع فعل شيء الا بأمرهم هم من يشعلون الحروب ويطفئونها ،اليهود هم ملوك الارض وسيظلون كذلك حتى تخرب التكنولوجيا لسبب ما وستخرب بكل الاحوال ويرجع البشر لقتال بعضهم بالسيف والرمح عندها فقط سننتصر ولكن النصر سيكون بلا طعم لانه يقتل من كل مئة تسعة وتسعون

    ردحذف