01‏/10‏/2017

ما قبل التدخل التركي في سوريا

من يحلل الأحداث المتلاحقة في الساحة السورية يجد أن النظام الدولي يدفع بالأطراف الثورية إلى التصادم والانقسام لثنائية داعش / صحوات التي أودت بالمقاومة العراقية.

خلف التناطح الفصائلي الذي يكلفنا كثيرا، يقبع شياطين الفتنة المتمثلين بهيئة مشايخ وشرعيين مهمتهم لا تختلف عن مهمة علماء السلاطين عند كل نظام وظيفي تابع للغرب.

فهذا الشرعي يأخذ راتبا لكي يحقن عناصر فصيله عقائديا ضد الفصيل الآخر، حتى يقاتل الفصيل الآخر بشراسة أكبر ويعمل على استئصاله.

طبعا لا ننسى دور نفاخ الكير أصحاب صواريخ الفتاوى عابرة القارات والحدود لزيادة احتدام الصراع.

في صراع الغوطة خرج جميع أطراف الصراع بخسارة فادحة، فلا جيش الإسلام استطاع إنهاء الهيئة، ولا الهيئة استطاعت القضاء على جيش الإسلام.

من كان صاحب الموقف المتزن بهذا الصراع هو حركة أحرار الشام الإسلامية، إذ نأت بنفسها عن الانخراط عسكريا ضد أي طرف، رغم محاولات التوريط الحثيثة التي حدثت في الغوطة والشمال، وبنفس الوقت صدمت الطرفين ببيانها وتصريحات ناطقها الرسمي.

توقع جيش الإسلام أن تقف أحرار الشام معه في بغيه ضد الهيئة، أو على الأقل تتخذ وضع المزهرية الذي يكثر اتخاذه من الأطراف الفاعلة وقت احتدام مجريات الساحة.

وتوقعت الهيئة أيضا أن تقف أحرار الشام مع الجيش، أو صامتة عما يجري، وجهزت نفسها لاعتبار الأحرار في الحالتين شريكا متواطئا مع الجيش ضدها وبالتالي هي هدف شرعي لها.

لكن موقف الأحرار حقيقة وكما ذكرنا صدم الجميع، إذ يبدو أن الأحرار ودعت حالة اللا موقف، وخلعت لونها الرمادي الذي اشتهرت به، وبموقفها الحكيم عبر إدانة بغي الجيش، ورفض التحاكم للسلاح، أنقذت بعد الله، الساحة من كارثة محقة.

بعد انتهاء مشكلة الغوطة عاد التوتر سيد الموقف بين الهيئة والفيلق فيما يبدو أنه نتيجة للآستانة، وخرج حسام أطرش القيادي في الهيئة بتصريح ألا نية للهيئة والأحرار القيام بعمل ضد الفيلق، وهو تصريح فيه ما فيه من رسائل، كأن مثلا الهيئة والأحرار بينهما تنسيق من تحت الطاولة لتفكيك الفصائل، كما فعلا مع جيش المجاهدين، وثوار الشام من قبل، والآن لا نية لهما…..!!!!!!

وهو كلام كذبته الوقائع والأحداث، فلو كان هنالك تنسيق حقا لما حدث تصادم أساسا بين الأحرار والهيئة، فالأطرش يحاول توريط الأحرار باقتتال داخلي تسقط فيه نفسها، كما أسقط غيرها من الفصائل نفسه.

وبعد أن ظننا الثورة عبرت عنق الزجاجة، طلعت علينا إشاعات ” اجتياح تركي “، للشمال السوري المحرر، وأن غاية هذا الاجتياح تفكيك الهيئة لأنها استمرار للقاعدة، وخرجت علينا معرفات الهيئة الرسمية والغير رسمية تتوعد الجيش التركي ومن سيسانده من الفصائل _طبعا الفيلق هنا هو المقصود بالدرجة الأولى لقربه الشديد من تركيا _ بأنها ستقاومهم وتفككهم.

وبوقفة تفكير هادئة نجد ألا مصلحة جدية لتركيا بالتوغل في الشمال السوري المحرر لأنه لا يشكل قيمة استراتيجية لتركيا، وقد يتحول لبيئة معادية تسبب القلاقل للحكومة.

فما هي الغاية من هذه الإشاعة؟

الغاية هي:

1) تهيئة النفوس والأجواء للدخول التركي، حتى لا يكون صادما للرأي العام والداخل السوري.

2) إعادة شبح الاقتتال والتخوين بين الفصائل من جديد.

3) أغلب الظن أن يكون الدخول التركي محدودا، ومحصورا بجبل الشيخ بركات، المحاذي لعفرين، والمطل على مساحة كبيرة من الشمال السوري المحرر، وحينها عند مقارنة واقع التدخل العسكري المحدود، بإشاعة الاجتياح الشامل، سيشكر الجميع ربه أن لم يحصل السيناريو الأسوأ، وستضعف نية قتال من كان يتوعد الجيش التركي حال دخوله.

طبعا قد يكون التدخل التركي صادما وغير مقبول للبعض، ويراه الآخرون ضرورة ومرحبا به، وبين الطرفين تضيع الغاية.

فتركيا ليست صديقة للثورة لأن الثورة على حق، وتركيا ملائكة.

وتركيا ليست عدوة للثورة لأنها ثورة باطل، أو لأن أردوغان علماني كما ينعته البعض.

كلمة السر في الحالتين هي المصالح…..

تركيا دعمت الثورة لأن مصلحة الثورة تلتقي مع مصلحتها في وقت ما، وقد لا سمح الله يتوقف دعمها للثورة حين تنتهي مصلحتها معها، علينا أن نكون واعيين لهذه النقطة.

الدخول التركي سبقه دخول روسي وإيراني معلنين، وأيضا هنالك تغلغل بريطاني أميركي عسكري في جنوب سورية وشرقها، وشمالها، يجب الانتباه أيضا لهذه النقطة.

علينا كثوار التعامل بحكمة وحذر مع التدخل التركي، والتيقن أن هذا التدخل نتيجة فشلنا في إدارة مشاكلنا الخاصة، والاستفادة مما قدم لنا من دعم.

علينا أيضا ألا تلهينا الأحداث عن أمور مهمة، كالتوقف عن التفكير بعقلية المراهقة الثورية التي نسير بها، والإعراض عن المشاركة بمعركة الرقة والشرق السوري الاستراتيجي، الذي يحوي النفط والماء، والأراضي الزراعية، فإن تركناه فللنظام، والغرب، وربيبه ال pkk.

أخيرا هل سيكون موقف الأحرار من التدخل التركي ناضجا واضحا كمشكلة الغوطة، أم سيكون عائما رماديا…..!!!؟؟؟

الأيام القليلة المقبلة ستكشف لنا…..

جاد الحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق