19‏/01‏/2018

من الدرع إلى السيف

من الدرع إلى السيف

كان الهدف الرئيس لعملية درع الفرات هو طرد التنظيمات الإرهابية من المنطقة السورية المحاذية للحدود التركية، وإفشال المشاريع الانفصالية لحزب pkk الإرهابي.

لكن بسبب تشابك المشاريع الدولية، وتقاطع المصالح وتضاربها بين اللاعبين الكثر في الساحة السورية، لم تحقق درع الفرات جميع النتائج المرجوة منها، فمثلا كان من المفترض أن يتم تحرير ما مساحته 5000 كيلو متر، لكنها لم تحرر سوى 2000 كيلومتر، فكان لزاما أن يتلو السيفُ الدرعَ، لتحقيق النتائج المرجوة.

وبما أن المنطقة المستهدفة من العملية الجديدة هي عفرين، وجب علينا أن ننبه إخوتنا الثوار والمدنيين إلى نقاط جوهرية:

1- الكورد قومية مسلمة لها تاريخ عريق، منهم الصحابي الجليل أبو ميمونة جابان بن ساباط رضي الله عنه، ويعود تاريخ دخولهم الإسلام إلى عام 20 هجري، أيام خلافة الفاروق رضي الله عنه.

2- خرج من الكورد العديد من الشخصيات المؤثرة في التاريخ الإسلامي كأمثال فاتح القدس صلاح الدين الأيوبي، والقاضي المؤرخ ابن خلكان، وشيخ الإسلام ابن تيمية.

3- كان الكورد جزءاً مهماً في كل دول الخلافة الإسلامية، إلى أن ابتليت الأمة بالمنهزمين نفسياً والخونة من عملاء الدول الاستخرابية الغربية، الذين بدأوا فتنة الدعوات القومية، حينها كان الكورد ضحية للعنصرية والإبادة على مذبح التعصب القومي.

4- استغلت الدول الاستخرابية الغربية المظلومية الكوردية، ونجحت بعقليتها البراجماتية بتحويلها إلى ورقة ضغط تبتز بها الحكومات الوظيفية التابعة لها في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يفسر تقلب علاقة أميركا بالأحزاب الكوردية ما بين الفتور، إلى الدفء، فالسخونة، والعكس.

5- استطاع حافظ الأسد عبر الاستفادة من تجربة حزب البعث العربي الاشتراكي، أن يسرق القضية الكوردية من أهلها، وأن يساهم باللعبة العالمية لسلخ الكورد عن دينهم ووضعهم حاجز صدٍّ بمنتصف ساحة الصراع الدولي.

فحين ازدادت وتيرة الصدام بين حافظ الأسد وتركيا أواخر سبعينات القرن الماضي، أسس حافظ حزبا قوميا كورديا، شيوعي العقيدة، علماني الطرح، اشتراكي المذهب، هو ما يعرف بحزب العمال الكوردستاني (pkk) يقوده كوردي نصيري هو المدعو عبد الله أوجلان، وساهم الأسد في تحويل أوجلان وحزبه إلى رمز للقضية الكوردية، حتى ينساق الكورد خلفهم عاطفيا، ويصبح الحزب ورقة ضغط قوية على تركيا.

وفعلا أدَّى البعث الكوردي (حزب pkk) مهمته كأفضل ما يكون، وخلق دوامة من الصراع الدموي، كان الشعب الكوردي فيها هو الخاسر الأكبر.

6- في بداية الثورة يوم خرجت كل سورية بقومياتها وطوائفها لتسقط نظام الأسد، لجأ بشار إلى استعمال شبيحة pyd الفرع السوري لحزب pkk  للتشبيح على الإخوة الكورد، ثم لاحقا قاموا بركوب موجة الثورة، لحرف الإخوة الكورد عن المسار الثوري العام الذي يسعُ الجميع، لصالح مشروع الـ pkk الانفصالي الضيق، والمعادي لخط الثورة ولمحيطها.

7- لاحقا أتت داعش خنجر الغدر المفضل لدى النظام الدولي، واستفادت من إجرام إخوانها في الـ pkk، لتروّج لدعاية سوداء تدعم شيطنة الكورد وفصلهم عن دينهم، وخرجوا علينا بعبارات كالملاحدة الأكراد، وغيرها من دعايات تقتضي تشويه الكورد.

8- ولكل ما سبق أدعو إخواني من الثوار، والكورد الذين يعانون من احتلال الـ pkk، إلى فتح صفحة أخوّة جديدة، وتناسي الماضي الذي سوّده عن قصد عملاء أعداء ثورتنا، وأخص إخواني الثوار أن يستوصوا خيراً بأهلنا في عفرين وما حولها، وألا ينجروا خلف دعوات الثأر، ودعاوى العصبية القومية، وأن يراعوا الفروق الاجتماعية وخصوصية المجتمع في عفرين، وأن يكونوا سفراء يرقون إلى مستوى عظمة ثورتنا وتضحياتها.

وأكاد أجزم أن أهلنا في عفرين يتحرقون شوقا لملاقاة أبنائهم وإخوانهم في الجيش الحر، وسيكونون لهم خير معين على تطهير ربوع عفرين من دنس الـ pkk أذناب البعث المجرم.

الثورة السورية بحاجة إلى شراكات دولية وتحالفات إقليمية تقوم على مبادئ التقاء المصالح، في الوقت نفسه علينا ألا ننسى أن معركتنا المصيرية هي إسقاط نظام بشار الأسد بكافة أركانه، ومحاسبة مجرميه، لا نحيد ولا نفاوض على هذا الهدف، ولنتذكر ذلك جيدا، حتى لا نخلط بين أولوياتنا، وأولويات حلفائنا.

جاد الحق




13‏/01‏/2018

مسالك الناس في #إدارة_الخلافات و #حل_المشكلات


يكاد الاختلاف أن يكون ثاني أكثر حقيقة واقعية يجحدها الناس بعد وجود الله، فإن أردنا السعادة والاتزان النفسي في الدنيا علينا أن نتعايش مع قوانينها، وسننها، وأهمها أن البشر مختلفون، وسيظلون مختلفين شئنا ذلك أم أبينا، وقد وضح الله لنا ذلك في قرآنه إذ يقول: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }.

وبعد أن اتفقنا على أن الاختلاف بين البشر سنة كونية، ستظل ما ظلت السماوات والأرض، علينا أن نعلم السبيل للتعامل معها؟

فكم من خلاف أدى لحالات طلاق، أو جريمة قتل، أو خسارة معركة مصيرية، أو فشل مشروع سياسي مهم، بسبب أن القائمين عليه لا يجيدون التعامل معه، لذلك لنمضي بضع دقائق ممتعة، نتعلم بها سويا كيف ندير خلافاتنا.

للبشر طرق مختلفة للتعامل مع المشكلات، وحل خلافاتهم، ولتسهيل الأمر قام المختصون بتقسيم البشر حسب طريقة تعاملهم مع الخلافات إلى خمس فرق، وهي:

1) سمكة القرش:

من رأى فلم الفك المفترس سيسهل عليه فهم هذا النمط، القرش دليل على الشخصية الحادة التي لا ترى إلا نفسها، هو شخص حدي يعترف برقمين فقط الصفر أو الواحد، يرى لونين فقط الأسود أو الأبيض، يجلس في مكانين فقط الصدر أو القبر، هو وحده الصح المطلق، وغيره الخطأ المطلق.

نمط القرش وإن بدا قاسيا متعجرفا، إلا أن المفاوض الناجح، والسياسي الذكي، يعلم متى يتقمصه، وذلك في المواقف الفاصلة، حين يكون التفاوض والمساومة على المبادئ الأساسية التي لا تقبل التنازل ولا أنصاف الحلول.

شعار القرش ( أنا أربح، وأنت تخسر )

2) السلحفاة:

عند تعرض السلحفاة للخطر تقوم باتخاذ إجراء دفاعي سلبي، وهو أن تختبئ داخل درقتها أو قوقعتها، مع بقائها مكانها.

السلحفاة لا تعطيك ما تريده أنت، ولا تأخذ ما تريده هي، تعتمد في حل الخلاف على مبدأ تجميد الوضع، عبر إضاعة الوقت، وترك الخلاف للزمن لكي يحل من تلقاء نفسه، أو بتدخل عامل خارجي.

السلحفاة قد تبدو جبانة، أو ضعيفة الشخصية والذكاء، لكن في بعض الخلافات، كالزوجية مثلا، قد تكون سياسة السلحفاة فعالة إلى أن تهدأ عاصفة النفوس، ويستعيد المنطق زمام الأمر، حينها تخرج السلحفاة من مخبئها، لتجد أن العاصفة قد مرت وأخذت معها المشكلة....

شعار السلحفاة ( أنا أخسر، وأنت تخسر )

3) الثعلب:

لا يذكر اسم الثعلب إلا مرتبطا بالمكر والدهاء والحيلة، فالثعلب هو ذلك الشخص الذي يراضي الجميع من كيسهم، والذي يستطيع جمع الخصوم على طاولة واحدة ليخرجوا بحل وسط.

الثعلب لا يعرف الانسحاب أو الحلول الحدية، بل هو ملك الحلول التوافقية، فهو يقبل أن يتنازل عن جزء مما يريده، مقابل أن يتنازل الطرف الآخر عن جزء مما يريده، لنحصل بالمقابل على اتفاق يرضي الجميع.

في بعض الخلافات تكون فاتورة الصراع مكلفة جدا، خاصة إذا كان النزاع استنزافيا لا يستطيع طرف أن يحسمه لصالحه، لذلك تبرز الحاجة إلى نمط الثعلب لحل الخلاف، والذي سيجد حلا حسب مبدأ لا غالب، ولا مغلوب.

شعار الثعلب ( أنا أخسر النصف، وأنت تخسر النصف ).

4) الدب الوديع:

هناك طرف يثير المشاكل دوما، لكن الظروف لا تسمح بخسارته، هنا نكون بحاجة لنمط الدب الوديع، الذي يتنازل بإرادته عن المكتسبات لصالح طرف ما بغية بقائه ضمن المنظومة، أو عدم استعدائه من الأساس.

الدب ليس ساذجا، لكنه درس الأمر فوجد أن بقاء رابط العلاقة، أهم من المصالح والمكتسبات، فضحى بالأقل أهمية، من أجل الأكثر أهمية.

شعار الدب الوديع ( أنا أخسر، وأنت تربح ).

5) البومة:

تعتبر البومة رمز الحكمة في العديد من الديانات والثقافات، فالبومة هادئة، متزنة، لديها أعين كبيرة تمكنها من رؤية أوضح، وأشمل، لذلك حين تريد حل الخلاف تقوم بالبحث عميقا عن جذوره لتجتثها.

البومة ترى الخلاف فرصة لجمع الكل عبر تحقيق أهدافهم، مع إبقاء العلاقات موجودة، فحين يكون الخلاف في بدايته ويبشر بنزاع طويل مكلف، ولديه فتائل قابلة للاشتعال بأي لحظة، هنا نحتاج نمط البومة، التي تبحث عن هذه الفتائل وتنزعها، بما يحقق مصلحة الجميع ويحافظ على علاقتهم ببعض.

شعار البومة ( أنا أربح، وأنت تربح ).

قد يتسائل البعض عن النمط الأفضل في كل الأوقات، ولكل الخلافات، وقد يعجب البعض نمط معين فيقرر تبنيه لحل خلافاته ومشاكله، لكن الصواب أن كل مشكلة تحتاج لنمط، وكل حالة تتطلب معالجة تتوافق معها.

أحيانا علينا أن نكون سمكة قرش حين يكون الخلاف مبدأيا، أحيانا علينا أن نكون سلحفاة إذا كان الخلاف بسبب سورة غضب مؤقتة، أحيانا علينا أن نكون ثعلبا في حال الخلاف يسمح بحل وسط ينهيه، أحيانا علينا أن نكون دبا وديعا نضحي لتستمر العلاقة، أو تنجح المهمة، وأحيانا علينا أن نكون بومة حكيمة، تنزع فتيل المشكلة الرئيسي، وتحمي الجميع من انفجارها.....

جاد الحق


01‏/01‏/2018

الربيع الإيراني يعيد الأمل للثورة السورية

إيران … اسم يثير سماعه صوراً ذهنية لمواكب دموية تلطم على الحسين، ورجال دين (ملالي) بعمائمهم السوداء المميزة، وعقائدهم العجيبة من تحليل الزنا تحت اسم المتعة، وإباحة الكذب بدعوى التقية، وشتم للصحابة، وأمهات المؤمنين، والكثير من الصور لروح الله الخميني، ولقاسم سليماني وجلاوزتهم من المجرمين في الحرس الثوري، والحشد الشعبي، وحزب الله، إلى آخر تلك القائمة من التنظيمات ذات الأسماء البراقة، والأفعال الوحشية.

لكن دعني في هذا المقال أن آخذك إلى إيران التي لا تعرفها، أو التي لا يريدون لك أن تعرفها، إلى إيران المسحوقين، والمقهورين، على إيران التي لا يختلف شعبها عن أي شعب عربي محتل من نظام سياسي وظيفي ومجرم.

الاسم الرسمي القديم لإيران هو مملكة فارس، ثم غيره الشاه رضا بهلوي في آذار عام 1935 إلى إيران ويعني أرض الشعب الآري.

يمثل الفرس النسبة الأعلى من السكان، لكنَّهم ليسوا القومية الوحيدة، بل يوجد معهم العديد من القوميات، وتدين إيران بالمذهب الشيعي الاثنا عشري كمذهب رسمي، مع وجود نسبة لا تقل عن 9 بالمئة من السنة.

المجتمع الإيراني بشكل عام مجتمع موبوء بالفساد والأمراض الاجتماعية، وذلك برعاية السلطة السياسية، فثروات البلاد تتركز بيد 5 % فقط من السكان، هم الطبقة الحاكمة من سياسيين وعسكريين، والطبقة المسيطرة من رجال الدين أو الملالي كما يُسمون، الذين يدفع لهم الشيعة الإيرانيون سنويا 20 % من دخلهم، كواجب ديني يسمى الخمس.

حوالي 70 % من الشعب الإيراني تحت خط الفقر، نصفهم يعاني من مجاعة، ويسكن أغلبهم بيوت الصفيح، أو المقابر…

مستويات التلوث في إيران قياسية، ما دعا الحكومة في الشهر الحالي لفرض حالة من التعطيل الإجباري للمدارس والمنشآت الصناعية، وفي العاصمة طهران بلغت نسبة التلوث 185 ميكروغرام بالمتر المكعب في جنوب العاصمة التي تعد 8,5 ملايين نسمة، و174 في الوسط بحسب السلطات البلدية، علما أنَّ نسبة التلوث لا يجب أن تتجاوز ما متوسطه 25 ميكروغرام في مدار 24 ساعة بالمتر المكعب.

بالنسبة إلى المستوى الأخلاقي في إيران فهو في الحضيض، فواحد من كل ستة إيرانيين مدمن للمخدرات، وترتفع النسبة في مدن مقدسة كمدينة قم، حيث الحوزات العلمية الشيعية لتبلغ واحد من كل ثلاثة مواطنين.

نسبة مرض الإيدز في إيران هي الأعلى في الشرق الأوسط، وأكبر عدد من المصابين هو في المدن المقدسة كقم، ومشهد، ويعود ذلك لانتشار ظاهرة زواج المتعة، التي يروجها الملالي بين النساء الشابات لإشباع غرائزهم منهنَّ، ممَّا ينعكس سلبا على صحة النساء النفسية والجسدية، حيث تبلغ معدلات اكتئاب، وانتحار النساء الحد الأعلى في إيران حول العالم، وأيضا نسبة عمليات الإجهاض والأطفال مجهولي الأهل هي الأعلى.

كل ما ذكرناه هو غيض من فيض إنجازات حكومة الملالي، وثورة الخميني التي تدَّعي الإسلام، وتوجيهات آيات الله العباقرة الشرفاء أصحاب نظريات الولي الفقيه، وتصدير الثورة.

فلا عجب أن ينتفض الشعب الإيراني كلما وجد إلى ذلك سبيلا، لعلَّ أهم الانتفاضات الحاصلة في العقد الماضي هي انتفاضة الحركة الخضراء، وهم المعارضة الإيرانية من أنصار مير حسين موسوي المرشح المنافس لأحمدي نجاد على السلطة، الذي اعتبر أنصاره أنَّ النظام الإيراني زوَّر الانتخابات الرئاسية ليقصيه عن المشهد لصالح نجاد، فحشدوا الملايين من أنصار المعارضة في العاصمة طهران احتجاجاً على ما اعتبروه تزويراً للنتائج، لكن نجاد قمعهم بوحشية تشبه وحشية قرينه بشار الأسد في عام 2009.

من وقتها يحاول الإيرانيون استغلال أي فرصة للتظاهر ضد نظامهم، سواء في المباريات الرياضية، أو بأحداث اقتصادية كانهيار قيمة التومان الإيراني أمام الدولار، ممَّا فجر مظاهرات في شارع فردوسي المشهور بدكاكين الصرافة بالعاصمة طهران.

هذه هي إيران، بلد يموج بالمشكلات الداخلية والفشل، لذلك تقوم حكومته بامتصاص غضب الشعب عبر إلهائه بالمخدرات والجنس وافتعال مشاكل خارجية مع دول الجوار لتصدير الأزمات الداخلية.

علينا اليوم استغلال ما يحصل في إيران لأبعد مدى، لأنَّ إسقاط النظام السياسي الإيراني يعني زوال الركن الأقوى في دعم المجرم بشار الأسد، ونجاح الشعب الإيراني في إسقاط جلاديه سيعني تعطيل مشروع الإمبراطورية الفارسية الشعوبي التكفيري ولو إلى حين، وسيهدينا وقتاً ثميناً يكون فيه نظام بشار الأسد في أضعف حالاته، لنثب عليه ونسقطه.

استثمار المشاكل الداخلية للعدو سلاح من أنجح الأسلحة للنصر، ففي الحرب العالمية الأولى استغلت كل دولة مشاكل عدوتها الداخلية الناتجة عن الحرب لزيادة رصيدها.

في يوم واحد نتيجة انخفاض الروح المعنوية القتالية، وكثرة حركات الإضراب والثورات المدنية على ظروف الحرب استسلم للجيش الألماني على الجبهة الإيطالية 300 ألف جندي!!

بل إنَّ ألمانيا شجعت الثورة في روسيا القيصرية التي كانت تعاني مجاعة عام 1917، وموَّلت البلشفيين ودعمتهم، حتى انقلبوا على قيصر روسيا واستلموا الحكم، وكان قرارهم الأول إخراج روسيا من الحرب العالمية الأولى، محررين ملايين الجنود الألمان والنمساويين المجريين من جبهة روسيا الباردة المتوحشة.

وفي بريطانيا دعم الجواسيس الألمان كلَّ حركات الشغب والثورات، ممَّا سبب تجميد الحكومة البريطانية لما يقدر 200 ألف جندي على أراضيها لضبط الأمن الداخلي، ومواجهة المتمردين.

لذلك علينا دعم الشعب الإيراني بكل ما نملك في ثورته الجديدة، خاصة في الناحية الإعلامية، لأنَّ أهم ما يشغل بال الطاغية هو إسكات صوت الجماهير الثائرة، وعدم وصول صوتهم لضمير باقي الشعوب.

أيضا بإمكاننا استغلال ما يحدث في إيران لتوعية شعبنا السوري بتاريخ وحقيقة نظام الملالي وولاية الفقيه الإجرامي، ولا أعني بذلك سرد وقائع التعذيب والقتل والفساد، بل شرح عقلاني سياسي للثورة الإيرانية ضد الشاه، وكيف استطاع الخميني أن يركب موجتها، ويحرفها عن مسارها.

وسياسيا بإمكاننا أن نوحِّد صوت الثورة السورية، والثورة الإيرانية في المحافل الدولية لكسب زخم أكبر، لأنَّ الثورتان قامتا ضد النظم الطاغوتية المجرمة نفسها.

لعلَّ هذه الثورة في إيران بداية لتصالح مذهبي بين السنة والشيعة، يتم فيه تنقية المذهب الشيعي من آثار التشيع الصفوي، والعقائد التي تتنافى مع أركان العقيدة والدين الإسلامي، ممَّا يسهم في توحيد بوصلة الأمة نحو عدوها المتربص بها.

إن ما حصل من انتفاضة في إيران يعود فضله بعد الله لثوار سوريا الأبطال، فصبرهم وثباتهم هو من أفشل مخططات الملالي، وخرافات الولي الفقيه، وسبّب الاحتقان الذي ولّد الانفجار الشعبي، أما ما يشاع عن أن السفيه المراهق محمد بن سلمان، وولي أمره محمد بن زايد ووراءهم سيدتهم أميركا هم من إشعل الثورة فهذا كله محض هراء، وافتراء، فهذه الأنظمة الطاغوتية كلها إخوة تعاضد بعضها ضد ثورات شعوبها.

انتصار الثورة الإيرانية يعني انتصارنا على أقوى داعمي المجرم بشار الأسد، لأنَّ مواجهة أذرع إيران المتشعبة لا يكفي، وما نحتاجه هو إشعال حريق داخلي فيها، يمكّننا من قتل رأس الإفساد العالمي في وكره.