01‏/10‏/2017

سلسلة مقالات القاعدة في سوريا 4 ( جبهة فتح الشام وحرق الأوراق الرابحة )

مع تزايد الضغط الشعبي على جبهة النصرة لفك ارتباطها بالقاعدة، تزامنا مع الضغوطات الدولية، كالتصنيف، والاستهداف من قبل التحالف، قامت النصرة بفك ارتباطها، وسمت نفسها بجبهة فتح الشام، وظهرت بخطاب سياسي أكثر مرونة، فكانت هذه أول ورقة رابحة تم حرقها من فتح الشام، وهي فك الارتباط بالقاعدة ودخول معترك السياسة.

عملت فتح الشام على محاولة استقطاب الفصائل في اندماج يحميها من التصنيف، ولا يحرمها من المكتسبات، لكنها فشلت، فركزت جهودها على استقطاب حركة أحرار الشام الإسلامية، الفصيل الأكبر في الساحة السورية، والأكثر انتشارا وقربا من الشعب، والأشد حنكة في اللعب على حبال التناقضات، والتجاذبات.

لم تتمكن فتح الشام من استقطاب الأحرار، لكنها ساهمت بشكل أو آخر في زيادة المشاكل الداخلية للأحرار، والمتمثلة بتشكيل جيش الأحرار، والذي كان يعتبر تشكيلا يضم أنصار الجبهة في الأحرار، وسينشق عن الحركة ليندمج مع الجبهة.

بعد فشل المحاولات الناعمة لدمج الفصائل، عمدت الجبهة للعب الخشن، وبدأت بمهاجمة الفصائل كلا على حدى متبعة أسلوب تفكيك الحزمة.

من المقرر أن تكون العملية سريعة ونظيفة، لأن دعاية الجبهة قوية، تعتمد على دغدغة عواطف عموم الشعب والمجاهدين، بتصوير الفصائل التي تفترسها الجبهة، أنها فصائل متخاذلة سلمت حلب، ووقعت على قتال الجبهة في الآستانة.

ما أفسد العملية وأحرق ورقة رابحة جديدة للجبهة، هو الحملة الدعائية المضادة التي قامت عليها، إضافة لدخول فصائل أخرى على الخط وبقوة عسكرية جعلت الجبهة تعيد حساباتها، كالأحرار والصقور وجيش الإسلام، مما أدى لحرق الورقة الرابحة مع تراجع كبير في شعبية الجبهة.

طبعا في الجبهة كما غيرها من الفصائل هناك تيارات متصارعة، فهناك تيار الإصلاحيين المتمثل بأبي ماريا القحطاني، وتيار المتشددين الذين رفضوا أساسا فك الارتباط ويمثله القياديون الأردنيون في الجبهة.

وفي فترة فك الارتباط وما بعدها إلى تشكيل هيئة تحرير الشام، قام الجولاني بتقريب التيار الإصلاحي، مجازفا بخسارة التيار الآخر وانشقاقه.

لتعويض التراجع الأخير في الشعبية، وتقييد الأخطاء الماضية ضد مجهول، قامت الجبهة بحل نفسها والاندماج مع حركة الزنكي وبعض الشخصيات والكتائب الأخرى وتشكيل ما يعرف بهيئة تحرير الشام.

هذه المجازفة التي تعبر عن هروب الجبهة للأمام، كلفتها حرق الكثير من الأوراق الرابحة

فتم حرق ورقة جيش الأحرار إذ لم ينشق بكامل ثقله وينضم للهيئة كما كان متوقعا.

وتم حرق ورقة الشرعيين المستقليين، المعروفين بقربهم من الجبهة، فاليوم سقط ستار الاستقلالية عنهم، وأصبحوا مقيدين بانتمائهم للهيئة.

والأخطر أن تشكيل الهيئة تبعه تصريحات من قياداتها، كالمشروع الوطني والخطابات التطمينية للخارج، وهي تصريحات لاتريح أصحاب الفكر السلفي الجهادي داخل الهيئة وخارجها وهذا ما ظهر لاحقا عند حرق الورقة الأهم ألا وهي لواء الأقصى.

كان عناصر لواء الأقصى رأس الحربة في تنفيذ مخطط الجولاني للسيطرة على الساحة، إذ حوّلهم لعناصر تشغيب وضغط على الفصائل، يطلقهم وقتما يشاء، وحين ينفذون المهمة، يعيد تقييدهم ليُظهِرَ نفسه الرجل القوي، والرقم الصعب في الساحة السورية.

بعد أن أصبح عناصر لواء الأقصى حملا يثقل كاهل الجولاني، صدرت فتوى خارجيتهم وضرورة استئصالهم، وفعلا بدأت المعارك ضدهم والتي كلفت عشرات الضحايا، والأهم كلفت استعداء أصحاب الفكر السلفي الجهادي لمشروع الهيئة ورجالاتها.

فهاهو المقدسي يرد على كلام شرعي الهيئة عبد الرحيم عطون، ويصف رجالات النصرة بالكذب والتدليس، والسقوط في وحل التمييع يوما بعد يوم، ويتهمهم أنهم فكوا ارتباطهم مع القاعدة دون رضا أمرائهم في أفغانستان، وأن فكهم للارتباط كان عقائديا وتنظيميا، على عكس ما وعدوا.

هذه المؤشرات الخطيرة وراءها ما وراءها

فبعد حرق كل الأوراق الرابحة التي كانت بجعبة الجولاني، وبزمن قياسي، ودون تحقيق الفائدة المرجوة، خاصة مع تراقص شبح الانشقاقات والاقتتالات الداخلية بين عناصر هيئة تحرير الشام نفسها إثر تصريحات المقدسي، كل ذلك يرسم خيوط السؤال الشائك الإجابة

ماذا بعد ذلك!؟

هل ستستمر الهيئة في المشي بطريق التحول لفصيل ثوري وطني يرفع علم الثورة وأهدافها، ثم يندمج مع غيره من الفصائل الثورية مسدلا ستار النهاية على فرع القاعدة السوري؟

أم أن خطة الهيئة التالية هي قتال من تصفهم بالمميعة والمفرطين، اعتمادا على رماد الورقة الرابحة السابقة وهي قتال الغلاة؟

أم سنشهد انشقاق عن الهيئة وبيعة جديدة لتنظيم القاعدة؟

نأمل من الله أن يكون الاحتمال الأول هو ما سيتحقق، لأن الساحة نالت ما يكفيها لعدة قرون قادمة من الاقتتالات الداخلية والدماء وتكرير الأخطاء السابقة…..

جاد الحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق