30‏/09‏/2017

سحر باقية وتتمدد

سحر باقية وتتمدد

البساطة والوضوح أهم عوامل انتشار الأفكار ورواجها، لأنها تزيد من عدد معتنقيها، وتسهل فهمها وشرحها ونقلها.

في سورة الكهف نجد أن ذا القرنين وصل لقوم لا يكادون يفقهون قولا، أي أن لغتهم لا يفهمها أحد، وطلبوا من ذي القرنين بناء سد لهم، من المعروف أن خطة بناء السد هي خطة هندسية معقدة جدا وصعبة الفهم على غير المختصين، لذلك قام ذو القرنين بتجزيء الخطة إلى مراحل، وحول كل مرحلة لطلب واضح ومفهوم، وعبر عن كل مرحلة بكلمات يسيرة.

الأولى آتوني زبر الحديد، أي قطعه الصلبة الكبيرة.

الثانية انفخوا أي أشعلوا نار.

الثالثة آتوني أفرغ عليها قطر، أي نحاس مذاب.

وحتى في علم الاجتماع وعلم النفس نرى كيف ترتبط الشعوب والحضارات بالرموز والشعارات بسبب اختصارها لمعاني كثيرة، ودلالتها المرتبطة بوجدان معتنقيها، ومالها من أثر في جمع الناس والسيطرة عليهم وتوجيههم بقوة سحرية.

فالمسلمين في غزواتهم الأولى اتخذوا شعارا كشعار أمت أمت.

والناس في مظاهراتهم تراهم كلهم يرددون شعار واحد يعبر عنهم وعن مطالبهم.

والأحزاب والحركات الأيدولوجية بعمومها لديها شعارات، وكلما كان الشعار مختصرا معبرا، كلما كان أكثر رواجا وتقبلا، وكما كانت الأهداف قصيرة واضحة، كلما تعلقت قلوب وعقول طامحيها بها أكثر، كلما ازداد تكرار هذا الشعار ازداد ترسخه في لاوعي معتنقيه ومستمعيه، وأصبحت له سطوة كبيرة في توجيه حركة الشعوب.

من منا لا يحفظ شعار حزب البعث العربي الاشتراكي وأهدافه!؟
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
أهدافنا وحدة حرية اشتراكية.

لاشك أن التجديد للحركات السياسية ضروري ومطلوب لتتناسب مع الواقع المتغير، وحزب البعث العلماني القومي كان له نصيب الأسد من التجديد عبر إنشاء فرع جهادي سلفي رديف له وهو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

وكما أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة أصبح لدينا الدولة الإسلامية باقية وتتمدد.

في كل الإصدارات وكل الأناشيد وكل معارك تنظيم الدولة وكل شعاراته تجد العبارة السحرية المغناطيسية باقية وتتمدد.

عبارة عبقرية مقتضبة مفهومة وخفيفة على اللسان جمعت بين الشعار والهدف وتختصر سياسات تنظيم الدولة فهو يهدف للتمدد والبقاء بأي ثمن، حتى ولو كان سفك دماء المسلمين ودمار ثوراتهم وبلدانهم.

طبعا الشعارات كالمعلبات، لديها فترة صلاحية وتنتهي، لذلك ما يصلح في الأمس لا يصلح اليوم، وما يصلح اليوم لا يصلح بالغد، وبعد الهزائم المنكرة التي مني بها تنظيم الدولة، وخسارته لأرض دابق التي استغل الأحاديث النبوية الصحيحة حولها، وطوعها لتجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب الغوغائي العاطفي ليحولهم حطبا يذكي به نار حروبه، وكومبارسا يضفي لمسة واقعية جاذبة لإصداراته، يحتاج تنظيم الدولة إلى شعار جديد يضعه من الآن بجذب به من بقي من السذج والجهال، تمهيدا لعودته للصحراء وانتظاره الإذن من النظام الدولي ليعاود الكرة من جديد ويسفك دماء المسلمين ويطعن حركات جهادهم وتحررهم، ولا نستغرب حينها لو أسفر التنظيم عن وجهه البعثي القبيح وخرج علينا بشعار

” خلافة إسلامية واحدة ذات رسالة خالدة “.

جاد الحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق