22‏/01‏/2019

مشاريع الضرار في الثورة السورية

مجالسة أصحاب العقل والتجارب تشحذ نفس المرء، وتزيد وعيه، لذلك رغّب أهل العلم بصحبتهم، ولي بذلك تجربة جميلة مع  صديقي أبي المنذر، حيث أثار انتباهي لمعضلة خطيرة ذكرها الله في القرآن.

قصّ الله علينا قصة نفر من المنافقين اغتاظوا من انتصارات النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب أحدهم لقيصر الروم طالبا منه “الدعم الدولي” لمحاربة “التطرف والإرهاب” الذي يزداد بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبعد استجابة قيصر له، تم التوافق على بدء عملية تنسيق أمني مشترك بين مخابرات قيصر، وبين الطابور النفاقي الخامس المدعي للإسلام، حيث كتب هذا الرجل لزمرته من المنافقين طالبا منهم بناء مسجد مضاد مقابل مسجد قباء، وظيفته تمزيق صف المصلين، ونقطة تجمع للمنافقين، ومركز رصد وتخابر لصالح الروم....

ولإتمام هذه المهمة المخابراتية التي كان المسجد مسرحا لعملياتها قرر المنافقون إضفاء شرعية عليه، وذلك عبر الطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة فيه، والدعوة بالبركة لأهله، بعد أن أقسموا له بالله أنهم بنوه لنية سليمة وخدمة للدين....

اعتذر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأجلهم حتى أتاه الوحي فيهم، فكانت الحقيقة المجردة كما رواها الله سبحانه لنا: { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

هل قد يكون بناء المسجد للمضرة؟

هل قد يكون بناء المسجد للكفر!!؟؟

هل قد يكون بناء المسجد للتفريق بين المؤمنين؟

هل قد يكون بناء المسجد للقيام بعمليات رصد وتخابر لأعداء الإسلام!؟

الجواب ببساطة كما قاله الله لنا هو نعم قد يكون ذلك!!!!

إذن ما الحل إن واجهنا مشروعا مخابراتيا مغلفا باسم الدين والشريعة والجهاد أو الثورة والوطنية ومصلحة البلد والشعب؟؟

الحل هو كما قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم: “ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا “ أي بلغة اليوم لا تعطيه أي صبغة شرعية، ولا تسكت عن مشروعه المخابراتي الهدّام خجلا، أو تورعا، بل تعامل معه بمنتهى الحسم والحزم، لذلك أرسل النبي صلى الله عليه وسلم نفرا من أصحابه لهدم وحرق مسجد الضرار هذا، ووصف أهله بالظالمين، ثم أمر بتحويله لمكب نفايات.

رغم أني قرأت آيات هذه القصة كثيرا، إلا أني أعترف بتقصيري عن تدبرها حتى قيض الله لي من ينبهني على معانيها وإسقاطاتها الخطيرة على ثورتنا....

فكم من مشروع ضرار (مخابراتي ) تم تمريره عبر شعارات تحكيم الشريعة، والجهاد، ونصرة الدين والمستضعفين؟؟؟

كم من فصيل ضرار ( مخابراتي ) يسرح ويمرح منفذا مخططات الأعداء، وحاميا خيانته برفع علم الثورة، أو بنسبة نفسه للجيش الحر!؟

كم من شيخ ساذج، وإعلامي منافق، أوثائر جاهل، أعطوا شرعية لفصائل ومشاريع ضرار فتكت بالثورة!!!

ولكي نكون واضحين أكثر فكل فصيل يعتمد أساليب البغي والتكفير، أو المزاودة، والإفساد، خاصة لوأنشأته ومولته جهات مخابراتية، سواء مخابرات الحلفاء والجيران أو ما يسمى بالدول الصديقة للشعب السوري، فهو فصيل ضرار ( مخابراتي )، فما بالك بالفصائل والمشاريع التي أنشأتها دول تعلن بوقاحة سافرة تصريحا وواقعا أنها ضد الدين، وضد تحرر الشعوب، ومع الثورات المضادة!!!!

جاد الحق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق