23‏/07‏/2018

عام على البغي

كمثل هذه الأيام من السنة الماضية جرت أكبر عملية بغي لهتش، استطاعت بها توجيه ضربة قاصمة للفصيل الذي يعد بيضة قبان الساحة ( أحرار الشام )، وتمكنت من احتلال أغلب المحرر، ومن التحكم بمعبر باب الهوى، وكنتائج بسيطة لهذا البغي رأينا تسليم مئات القرى والمناطق من هتش للنظام دون إطلاق طلقة، وانفلات الوضع الأمني، وتدهور الحالة الاقتصادية.

بعيدا عن نظرية المؤامرة ما هي الأسباب الموضوعية التي أدت لتغلب هتش على أحرار الشام؟

في هذا المقال سنتعرف على بعض أهم الأسباب التي أدت لهذه الكارثة، عسانا نستفيد جميعا من هذا الدرس القاسي حتى لا يتكرر......

أسباب سقوط الأحرار في معركة المعبر ضد هتش:

1) انعدام الحزم عند القيادة في القرارت، والحسم بحل المشاكل المستعصية، وغياب القائد الرمز الكاريزماتي.

وبتكرار مواقف الارتخاء والرمادية من القيادة، خاصة أيام مشكلة جند الأفعى، تولّدت صورة لصقت بالحركة، وهي أن الأحرار ضعفاء مترددون، خصم لين وسهل، .....إلخ

هذه الصورة جرت من المفاسد والويلات ما هو كافٍ لفرط الحركة عبر عامل الوقت فقط.

2) عدم وجود عقيدة قتالية لدى عنصر الأحرار تجعله يمسك بندقيته بثبات، فانعدام التوجيه العقدي السياسي والشرعي، خلق حالة من التردد عند العنصر زادتها دعاية هتش.

3) انعدام حس الانتماء للحركة عند العناصر، إذ الغالبية الساحقة من أبنائها لم يتحرك لخوض معركته المصيرية، إما بسبب تغليب النزعة المناطقية والعشائرية على الواجب الديني والتنظيمي، حيث فضلت مناطق محسوبة على الحركة مصلحتها الخاصة على الواجب الديني والتنظيمي، رغم أنها كانت تنال حظا كبيرا من دعم الحركة، مع ذلك لم تطلق طلقة نصرة للحركة في معركتها المصيرية، أو بسبب انتشار المفسدين والمظالم وسوء الإدارة والتي تنعكس سلبا على أبناء الحركة، فتفقدهم انتماءهم وولاءهم لها.

4) غياب الرموز التحشيدية المحبوبة التي مهمتها التعبئة العقدية والعاطفية للمعارك، فبحين تملك هتش أبا اليقظان وأبا شعيب والفرغلي، الذين كانت مهمتهم الأولى التفرغ للعناصر العاديين وتهيئتهم للبغي، لم نجد للأحرار رمزا شرعيا متفرغا للنشاط الميداني مع العناصر، قد يكون شرعيو الأحرار أكثر علما وأصح نهجا، إلا أنهم لا يملكون نشاط وجلد شرعيي هتش، باختصار " جَلَد الفاجر، وعجز الثقة ".

5) غياب موضوع محاسبة المفسدين والمقصرين بشكل تام عند الأحرار، وتجلى ذلك بعدم اتخاذ الحركة موقفا رادعا ضد معتنقي فكر الانقلابيين، أو الذين قصروا بقتال الجند ورد بغي هتش في الفترة السابقة، مما ولد حالة من النفور من الحركة تسربت للكوادر وحملة المشروع، خاصة من صمد في معركتها الحاسمة، كل ذلك بسبب غياب محاسبة المقصرين أو المفسدين، على الأقل مساءلتهم على العلن ابتداءا من أبي عمار القائد العام السابق ونائبيه، وانتهاءا بأقل عنصر، مما أوجد عند فئة كبيرة من أبناء الحركة قناعة بعبثية الإكمال بمشروعها حتى رغم تغير قيادتها.

6) من الأمور التي أثرت سلبا على معنويات كثير من المقاتلين، البخل على أبناء الحركة بموضوع السلاح والذخيرة سواءا بالحرب أو السلم، بذريعة لا يوجد سلاح وذخيرة، وحين حصلت المعركة وفُتِحَت مستودعات السلاح الكل صُدِم بما فيها!!!.

7) عدم وجود خطة لأي شيء، فلا يوجد خطة للحركة يوم قررت مهاجمة هتش، ولا خطة دفاعية للمعبر، ولا خطة بديلة، ولا أي خطة من أي نوع، فأين القادة العسكرييون والمفكرون وغيرهم؟!

8) التخبط الإعلامي في التعاطي مع الحدث كان واضحا، ويندرج تحت انعدام التخطيط في الحركة.

9) التعويل العاطفي الساذج على موقف تركيا وغيرها، رغم أنه من الواضح لكل ذي عقل أن بغي هتش كانت بالتنسيق، والموافقة التركية.

10) في الحصار بالمعبر تم كثيرا التسويق لآمال خادعة، وصدقها الكثير من الأحرار، كتدخل الزنكي والفيلق، وأن هناك جدوى من عمل عسكري يبدأ من داخل المعبر، إذ هناك من سيتحرك من الخارج، وهذا الكلام لم يعدو الوعود الكاذبة لتوريط المحاصَرين أكثر.

11) الانحياز إلى سهل الغاب برأيي كان خطأً استراتيجيا كبير، فقد وضعت الحركة نفسها بين فكي كماشة، النظام في الجنوب، هتش في الشمال، فإما تضغط هتش، أو تضطر الأحرار بمزاوداتها فتح عمل عسكري ضد النظام تكون نتيجته كارثية، أو يبدأ عمل عسكري متواقت ضد الأحرار من النظام وهتش بآن معا، أو تكون الأحرار كبش محرقة في صد النظام بأي تقدم له، خاصة أن طبيعة السهل منبسط ومكشوف ولا يصلح للمقاومة والتمترس.

12) الانخداع بسياسة هتش الكاذبة بدعوتها للاجتماعات والتهدئة والتحييد المزعوم للمناطق، وهي سياسة غايتها كسب الوقت والمراوغة.

13) طلب المؤازرة من درع الفرات خطأ كبير، حيث أظهرت أن الأحرار عاجزون عن الدفاع عن انفسهم.

14) سياسة التملق وإبر البنج، التي يعتمدها الأبواق والمفسدون في الحركة بغية ذر الرماد بالعيون عن كوارثهم، أو امتصاصا لغضب أبناء الحركة، وتجلى ذلك بالخطابات غير العقلانية التي أفرطت بالأمل، وشطحت بالعواطف والثقة، وكتغريدات وكلام بعض قيادات الحركة، وإعلامها الرديف التي تسوق لفكرة أن الحركة لازالت قوية، وتهوّن من حجم الكارثة كحال أحدهم الذي قال أنه يكاد يجزم أن فترة أبي عمار أفضل فترة للحركة بعد فترة القادة المؤسسين!!!

15) الاختراقات الأمنية لصالح هتش والتي كانت من الصف الأول، حتى مستوى أصغر عنصر في الحركة.

16) وجود عدد كبير من قيادات وكوادر الحركة في تركيا وقت البغي، إما لظرف طارئ ووجيه، أو بسبب أنهم من الأساس يقودون من تركيا، أو لتقديمهم امتحانات.

17) موقف الأحرار السلبي من بغي هتش على فصائل للجيش الحر من قبل، وتعاملهم غير المدروس مع الفصائل التي انضمت لهم لاحقا _ مشكلة تجمع فاستقم مثالا _ .

كل هذه الأسباب كانت مقدمات للنتائج التي رأيناها لاحقا بعد #عام_على_البغي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق