17‏/07‏/2018

مسيرة الضفدعة تبدأ بخطوة

لو مد الله في عمري سأكتب كتابا أسميه #أساطير_ثورية وسأضع فيه أهم الأوهام التي صدقها ثوار سوريا وانساقوا خلفها، ولعلي أستفتحه بأسطورتي #تركيا_ما_بتبيعنا و #الضمانات_الدولية .

لست من معارضي ومكفري الرئيس أردوغان كما يحسب البعض، ولا من معارضي حزب العدالة والتنمية، لكني ببساطة أرى أردوغان وتركيا بصورة واقعية تعبر عن الحجم الحقيقي للدولة الشقيقة ورئيسها.

فتركيا اليوم ليست دولة الخلافة الإسلامية، بل هي دولة لمّا تتحرر بعد من نير النظام الدولي المجرم، واتفاقياته المجحفة، رغم أنها تسعى لذلك وبقوة، والرئيس أردوغان ليس المهدي المنتظر، ولا أمير المؤمنين الفاروق، بل هو رئيس مسلم أثبت نجاحه لذلك تحيط به المخاطر من كل حدب وصوب.

وحين أقرأ الدعم التركي للثورة السورية لا أقرأه بأنه لدوافع أخلاقية، ودينية فقط، بل لدوافع أهمها المصلحة المشتركة، وهذه المصلحة تخضع للتغير والتبدل، وبالتالي تفرض تبدل الحلفاء والخصوم، فالتعويل على دوامة الشراكة هو محض سذاجة وجهل بأبجديات السياسة.

الأنظمة المتصارعة تلجأ لخلق واحتضان أدوات معادية لبعضها، الغاية من خلق ورعاية هذه الأدوات ليس تحطيم النظام الآخر، بل جبره لتقديم تنازلات توصل الطرفين لحل وسط، وحين يصل الطرفان لحل وسط سرعان ما يتم تحطيم هذه الأدوات من قبل من أسسها ورعاها، أو تسليمها لغريمها حتى يحطمها بنفسه، إذن الدول لا تفضل مصلحة الأدوات على مصلحة الأنظمة، أمر قد تستطيع اعتباره نوع من احترام الزمالة والمهنة المشتركة...

وكأمثلة تاريخية على ما ذكرناه، نجد أن الأنظمة العربية ( عبد الناصر والقذافي وحافظ الأسد ) رعت المقاومة الفلسطينية المسلحة أول تشكيلها، لعدة أسباب منها، تلميع صورتها أمام الشعوب، وامتصاص نقمتها على الواقع المر، والحصول على أوراق رابحة لابتزاز الغرب والكيان الصهيوني، وحين تصل الأمور لنقطة التفاهم، تسارع هذه الأنظمة لتحطيم أدوات ابتزازها.

مثال معاصر حزب ال pkk وكيف تخلت عنه أميركا وروسيا لصالح تركيا، رغم ما أسماه ال pkk بالضمانات من أقوى دولتين حول العالم، وطبعا كان التخلي لصالح نظام سياسي آخر هو تركيا، وساحة التفاوض والمساومة هي الثورة السورية، ولا يدل كلامي على أن تركيا خانتنا كما يتشدق البعض، بل يدل أننا فشلنا في الارتقاء بأنفسنا من رتبة التابع المأجور، لمنزلة الند البديل لنظام الأسد.

هذا ما يفسر إيعاز تركيا لأكثر المنبطحين بالجيش الوطني لإدخال المدعو نصر الحرير للشمال المحرر، تركيا لا تريد التصادم مع جمهور الثورة، ولا تريد خدش صورة أردوغان التي يقدمها الإعلام التركي الناطق بالعربية أنه أمل المظلومين، وبنفس الوقت تريد حلا يخفف عنها عبء دعم الثورة السورية الذي أرهقها وعرقل مسيرة نموها الاقتصادي وأمنها الداخلي والخارجي، لذلك اوعزت عبر مخابراتها لأكثر الفصائل انبطاحا لها بريف حلب الشمالي إدخال الحريري ليروج لمخرجات مؤتمر سوتشي الذي غايته إعادة الشرعية لنظام الأسد.

الغاية ليست دخول نصر الحريري، بقدر ما هي علاج الشعب السوري بالصدمة وعلى دفعات ليصحو من حلم الثورة، ويرضى بالحل السياسي القاضي ببقاء الأسد المجرم فيريح ويستريح، والأهم أن إقناع الشعب الثائر بهذا الحل يتم عبر أدوات مأجورة للأنظمة، حتى لا تتطلخ صورتها في ذهن الشعب السوري.

تدنيس نصر الحريري للشمال السوري خيانة، وحمايته من أطراف محسوبة على الجيش السوري الوطني الحر خيانة أكبر أتمنى محاسبة أبطالها بإنزال أشد العقوبات فيهم، وأعجب كل العجب ممن سل سيفه وقلمه ولسانه على تنظيمات التكفير والغلو المخترقة للثورة، ثم أعمى عينيه، وأصم أذنيه عن فصائل الإفساد والانبطاح والتمييع!!!! مع أن الطرفين يقومان بنفس المهمة، لكن بأساليب مختلفة....

وإلى من يظن أننا نصنع من الحبة قبة أقول، #مسيرة_الضفدعة_تبدأ_بخطوة ومن أدخل نصر الحريري اليوم، غدا سيدخل النظام، وسيحارب معه من بقي محافظا على ثوابت الثورة، وسيبرر خيانته عبر شراذم من المرقعين والمطبلين بأنها واقعية سياسية، ومناورات ديبلوماسية، وتفاهمات دولية، وضمانات من الحلفاء، ولأجل من تبقى، وحتى نعمر البلد من جديد، والناس تعبت وبدها حل، وهاد أفضل السيء، ولم يكن بالإمكان أفضل مما كان، وأكتر من هيك ما طالع بالإيد، وسياسة شرعية،..... إلى آخر هذه الحجج الواهية التي غايتها تزيين الخيانة وتبريرها....

وليعلم الشعب أن من تخلى عنه يوم تقدمت داعش في ريف حلب الشمالي وفر إلى تركيا حتى اضطرت حرائر مارع لحمل السلاح دفاعا عن أنفسهن ضد زنادقة داعش، ومن تركه وحيدا في مخيمات النزوح على الشريط الحدودي وهرب لمزارعه وشققه الفارهة في تركيا يوم احتل حزب ال pkk أرضه، لن يقوم اليوم برعاية مصلحته، ولو أقسم أغلظ الأيمان، ولبس جلود الضأن، وأتانا بخير قول البرية......


جاد الحق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق