01‏/01‏/2018

الربيع الإيراني يعيد الأمل للثورة السورية

إيران … اسم يثير سماعه صوراً ذهنية لمواكب دموية تلطم على الحسين، ورجال دين (ملالي) بعمائمهم السوداء المميزة، وعقائدهم العجيبة من تحليل الزنا تحت اسم المتعة، وإباحة الكذب بدعوى التقية، وشتم للصحابة، وأمهات المؤمنين، والكثير من الصور لروح الله الخميني، ولقاسم سليماني وجلاوزتهم من المجرمين في الحرس الثوري، والحشد الشعبي، وحزب الله، إلى آخر تلك القائمة من التنظيمات ذات الأسماء البراقة، والأفعال الوحشية.

لكن دعني في هذا المقال أن آخذك إلى إيران التي لا تعرفها، أو التي لا يريدون لك أن تعرفها، إلى إيران المسحوقين، والمقهورين، على إيران التي لا يختلف شعبها عن أي شعب عربي محتل من نظام سياسي وظيفي ومجرم.

الاسم الرسمي القديم لإيران هو مملكة فارس، ثم غيره الشاه رضا بهلوي في آذار عام 1935 إلى إيران ويعني أرض الشعب الآري.

يمثل الفرس النسبة الأعلى من السكان، لكنَّهم ليسوا القومية الوحيدة، بل يوجد معهم العديد من القوميات، وتدين إيران بالمذهب الشيعي الاثنا عشري كمذهب رسمي، مع وجود نسبة لا تقل عن 9 بالمئة من السنة.

المجتمع الإيراني بشكل عام مجتمع موبوء بالفساد والأمراض الاجتماعية، وذلك برعاية السلطة السياسية، فثروات البلاد تتركز بيد 5 % فقط من السكان، هم الطبقة الحاكمة من سياسيين وعسكريين، والطبقة المسيطرة من رجال الدين أو الملالي كما يُسمون، الذين يدفع لهم الشيعة الإيرانيون سنويا 20 % من دخلهم، كواجب ديني يسمى الخمس.

حوالي 70 % من الشعب الإيراني تحت خط الفقر، نصفهم يعاني من مجاعة، ويسكن أغلبهم بيوت الصفيح، أو المقابر…

مستويات التلوث في إيران قياسية، ما دعا الحكومة في الشهر الحالي لفرض حالة من التعطيل الإجباري للمدارس والمنشآت الصناعية، وفي العاصمة طهران بلغت نسبة التلوث 185 ميكروغرام بالمتر المكعب في جنوب العاصمة التي تعد 8,5 ملايين نسمة، و174 في الوسط بحسب السلطات البلدية، علما أنَّ نسبة التلوث لا يجب أن تتجاوز ما متوسطه 25 ميكروغرام في مدار 24 ساعة بالمتر المكعب.

بالنسبة إلى المستوى الأخلاقي في إيران فهو في الحضيض، فواحد من كل ستة إيرانيين مدمن للمخدرات، وترتفع النسبة في مدن مقدسة كمدينة قم، حيث الحوزات العلمية الشيعية لتبلغ واحد من كل ثلاثة مواطنين.

نسبة مرض الإيدز في إيران هي الأعلى في الشرق الأوسط، وأكبر عدد من المصابين هو في المدن المقدسة كقم، ومشهد، ويعود ذلك لانتشار ظاهرة زواج المتعة، التي يروجها الملالي بين النساء الشابات لإشباع غرائزهم منهنَّ، ممَّا ينعكس سلبا على صحة النساء النفسية والجسدية، حيث تبلغ معدلات اكتئاب، وانتحار النساء الحد الأعلى في إيران حول العالم، وأيضا نسبة عمليات الإجهاض والأطفال مجهولي الأهل هي الأعلى.

كل ما ذكرناه هو غيض من فيض إنجازات حكومة الملالي، وثورة الخميني التي تدَّعي الإسلام، وتوجيهات آيات الله العباقرة الشرفاء أصحاب نظريات الولي الفقيه، وتصدير الثورة.

فلا عجب أن ينتفض الشعب الإيراني كلما وجد إلى ذلك سبيلا، لعلَّ أهم الانتفاضات الحاصلة في العقد الماضي هي انتفاضة الحركة الخضراء، وهم المعارضة الإيرانية من أنصار مير حسين موسوي المرشح المنافس لأحمدي نجاد على السلطة، الذي اعتبر أنصاره أنَّ النظام الإيراني زوَّر الانتخابات الرئاسية ليقصيه عن المشهد لصالح نجاد، فحشدوا الملايين من أنصار المعارضة في العاصمة طهران احتجاجاً على ما اعتبروه تزويراً للنتائج، لكن نجاد قمعهم بوحشية تشبه وحشية قرينه بشار الأسد في عام 2009.

من وقتها يحاول الإيرانيون استغلال أي فرصة للتظاهر ضد نظامهم، سواء في المباريات الرياضية، أو بأحداث اقتصادية كانهيار قيمة التومان الإيراني أمام الدولار، ممَّا فجر مظاهرات في شارع فردوسي المشهور بدكاكين الصرافة بالعاصمة طهران.

هذه هي إيران، بلد يموج بالمشكلات الداخلية والفشل، لذلك تقوم حكومته بامتصاص غضب الشعب عبر إلهائه بالمخدرات والجنس وافتعال مشاكل خارجية مع دول الجوار لتصدير الأزمات الداخلية.

علينا اليوم استغلال ما يحصل في إيران لأبعد مدى، لأنَّ إسقاط النظام السياسي الإيراني يعني زوال الركن الأقوى في دعم المجرم بشار الأسد، ونجاح الشعب الإيراني في إسقاط جلاديه سيعني تعطيل مشروع الإمبراطورية الفارسية الشعوبي التكفيري ولو إلى حين، وسيهدينا وقتاً ثميناً يكون فيه نظام بشار الأسد في أضعف حالاته، لنثب عليه ونسقطه.

استثمار المشاكل الداخلية للعدو سلاح من أنجح الأسلحة للنصر، ففي الحرب العالمية الأولى استغلت كل دولة مشاكل عدوتها الداخلية الناتجة عن الحرب لزيادة رصيدها.

في يوم واحد نتيجة انخفاض الروح المعنوية القتالية، وكثرة حركات الإضراب والثورات المدنية على ظروف الحرب استسلم للجيش الألماني على الجبهة الإيطالية 300 ألف جندي!!

بل إنَّ ألمانيا شجعت الثورة في روسيا القيصرية التي كانت تعاني مجاعة عام 1917، وموَّلت البلشفيين ودعمتهم، حتى انقلبوا على قيصر روسيا واستلموا الحكم، وكان قرارهم الأول إخراج روسيا من الحرب العالمية الأولى، محررين ملايين الجنود الألمان والنمساويين المجريين من جبهة روسيا الباردة المتوحشة.

وفي بريطانيا دعم الجواسيس الألمان كلَّ حركات الشغب والثورات، ممَّا سبب تجميد الحكومة البريطانية لما يقدر 200 ألف جندي على أراضيها لضبط الأمن الداخلي، ومواجهة المتمردين.

لذلك علينا دعم الشعب الإيراني بكل ما نملك في ثورته الجديدة، خاصة في الناحية الإعلامية، لأنَّ أهم ما يشغل بال الطاغية هو إسكات صوت الجماهير الثائرة، وعدم وصول صوتهم لضمير باقي الشعوب.

أيضا بإمكاننا استغلال ما يحدث في إيران لتوعية شعبنا السوري بتاريخ وحقيقة نظام الملالي وولاية الفقيه الإجرامي، ولا أعني بذلك سرد وقائع التعذيب والقتل والفساد، بل شرح عقلاني سياسي للثورة الإيرانية ضد الشاه، وكيف استطاع الخميني أن يركب موجتها، ويحرفها عن مسارها.

وسياسيا بإمكاننا أن نوحِّد صوت الثورة السورية، والثورة الإيرانية في المحافل الدولية لكسب زخم أكبر، لأنَّ الثورتان قامتا ضد النظم الطاغوتية المجرمة نفسها.

لعلَّ هذه الثورة في إيران بداية لتصالح مذهبي بين السنة والشيعة، يتم فيه تنقية المذهب الشيعي من آثار التشيع الصفوي، والعقائد التي تتنافى مع أركان العقيدة والدين الإسلامي، ممَّا يسهم في توحيد بوصلة الأمة نحو عدوها المتربص بها.

إن ما حصل من انتفاضة في إيران يعود فضله بعد الله لثوار سوريا الأبطال، فصبرهم وثباتهم هو من أفشل مخططات الملالي، وخرافات الولي الفقيه، وسبّب الاحتقان الذي ولّد الانفجار الشعبي، أما ما يشاع عن أن السفيه المراهق محمد بن سلمان، وولي أمره محمد بن زايد ووراءهم سيدتهم أميركا هم من إشعل الثورة فهذا كله محض هراء، وافتراء، فهذه الأنظمة الطاغوتية كلها إخوة تعاضد بعضها ضد ثورات شعوبها.

انتصار الثورة الإيرانية يعني انتصارنا على أقوى داعمي المجرم بشار الأسد، لأنَّ مواجهة أذرع إيران المتشعبة لا يكفي، وما نحتاجه هو إشعال حريق داخلي فيها، يمكّننا من قتل رأس الإفساد العالمي في وكره.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق