13‏/01‏/2018

مسالك الناس في #إدارة_الخلافات و #حل_المشكلات


يكاد الاختلاف أن يكون ثاني أكثر حقيقة واقعية يجحدها الناس بعد وجود الله، فإن أردنا السعادة والاتزان النفسي في الدنيا علينا أن نتعايش مع قوانينها، وسننها، وأهمها أن البشر مختلفون، وسيظلون مختلفين شئنا ذلك أم أبينا، وقد وضح الله لنا ذلك في قرآنه إذ يقول: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }.

وبعد أن اتفقنا على أن الاختلاف بين البشر سنة كونية، ستظل ما ظلت السماوات والأرض، علينا أن نعلم السبيل للتعامل معها؟

فكم من خلاف أدى لحالات طلاق، أو جريمة قتل، أو خسارة معركة مصيرية، أو فشل مشروع سياسي مهم، بسبب أن القائمين عليه لا يجيدون التعامل معه، لذلك لنمضي بضع دقائق ممتعة، نتعلم بها سويا كيف ندير خلافاتنا.

للبشر طرق مختلفة للتعامل مع المشكلات، وحل خلافاتهم، ولتسهيل الأمر قام المختصون بتقسيم البشر حسب طريقة تعاملهم مع الخلافات إلى خمس فرق، وهي:

1) سمكة القرش:

من رأى فلم الفك المفترس سيسهل عليه فهم هذا النمط، القرش دليل على الشخصية الحادة التي لا ترى إلا نفسها، هو شخص حدي يعترف برقمين فقط الصفر أو الواحد، يرى لونين فقط الأسود أو الأبيض، يجلس في مكانين فقط الصدر أو القبر، هو وحده الصح المطلق، وغيره الخطأ المطلق.

نمط القرش وإن بدا قاسيا متعجرفا، إلا أن المفاوض الناجح، والسياسي الذكي، يعلم متى يتقمصه، وذلك في المواقف الفاصلة، حين يكون التفاوض والمساومة على المبادئ الأساسية التي لا تقبل التنازل ولا أنصاف الحلول.

شعار القرش ( أنا أربح، وأنت تخسر )

2) السلحفاة:

عند تعرض السلحفاة للخطر تقوم باتخاذ إجراء دفاعي سلبي، وهو أن تختبئ داخل درقتها أو قوقعتها، مع بقائها مكانها.

السلحفاة لا تعطيك ما تريده أنت، ولا تأخذ ما تريده هي، تعتمد في حل الخلاف على مبدأ تجميد الوضع، عبر إضاعة الوقت، وترك الخلاف للزمن لكي يحل من تلقاء نفسه، أو بتدخل عامل خارجي.

السلحفاة قد تبدو جبانة، أو ضعيفة الشخصية والذكاء، لكن في بعض الخلافات، كالزوجية مثلا، قد تكون سياسة السلحفاة فعالة إلى أن تهدأ عاصفة النفوس، ويستعيد المنطق زمام الأمر، حينها تخرج السلحفاة من مخبئها، لتجد أن العاصفة قد مرت وأخذت معها المشكلة....

شعار السلحفاة ( أنا أخسر، وأنت تخسر )

3) الثعلب:

لا يذكر اسم الثعلب إلا مرتبطا بالمكر والدهاء والحيلة، فالثعلب هو ذلك الشخص الذي يراضي الجميع من كيسهم، والذي يستطيع جمع الخصوم على طاولة واحدة ليخرجوا بحل وسط.

الثعلب لا يعرف الانسحاب أو الحلول الحدية، بل هو ملك الحلول التوافقية، فهو يقبل أن يتنازل عن جزء مما يريده، مقابل أن يتنازل الطرف الآخر عن جزء مما يريده، لنحصل بالمقابل على اتفاق يرضي الجميع.

في بعض الخلافات تكون فاتورة الصراع مكلفة جدا، خاصة إذا كان النزاع استنزافيا لا يستطيع طرف أن يحسمه لصالحه، لذلك تبرز الحاجة إلى نمط الثعلب لحل الخلاف، والذي سيجد حلا حسب مبدأ لا غالب، ولا مغلوب.

شعار الثعلب ( أنا أخسر النصف، وأنت تخسر النصف ).

4) الدب الوديع:

هناك طرف يثير المشاكل دوما، لكن الظروف لا تسمح بخسارته، هنا نكون بحاجة لنمط الدب الوديع، الذي يتنازل بإرادته عن المكتسبات لصالح طرف ما بغية بقائه ضمن المنظومة، أو عدم استعدائه من الأساس.

الدب ليس ساذجا، لكنه درس الأمر فوجد أن بقاء رابط العلاقة، أهم من المصالح والمكتسبات، فضحى بالأقل أهمية، من أجل الأكثر أهمية.

شعار الدب الوديع ( أنا أخسر، وأنت تربح ).

5) البومة:

تعتبر البومة رمز الحكمة في العديد من الديانات والثقافات، فالبومة هادئة، متزنة، لديها أعين كبيرة تمكنها من رؤية أوضح، وأشمل، لذلك حين تريد حل الخلاف تقوم بالبحث عميقا عن جذوره لتجتثها.

البومة ترى الخلاف فرصة لجمع الكل عبر تحقيق أهدافهم، مع إبقاء العلاقات موجودة، فحين يكون الخلاف في بدايته ويبشر بنزاع طويل مكلف، ولديه فتائل قابلة للاشتعال بأي لحظة، هنا نحتاج نمط البومة، التي تبحث عن هذه الفتائل وتنزعها، بما يحقق مصلحة الجميع ويحافظ على علاقتهم ببعض.

شعار البومة ( أنا أربح، وأنت تربح ).

قد يتسائل البعض عن النمط الأفضل في كل الأوقات، ولكل الخلافات، وقد يعجب البعض نمط معين فيقرر تبنيه لحل خلافاته ومشاكله، لكن الصواب أن كل مشكلة تحتاج لنمط، وكل حالة تتطلب معالجة تتوافق معها.

أحيانا علينا أن نكون سمكة قرش حين يكون الخلاف مبدأيا، أحيانا علينا أن نكون سلحفاة إذا كان الخلاف بسبب سورة غضب مؤقتة، أحيانا علينا أن نكون ثعلبا في حال الخلاف يسمح بحل وسط ينهيه، أحيانا علينا أن نكون دبا وديعا نضحي لتستمر العلاقة، أو تنجح المهمة، وأحيانا علينا أن نكون بومة حكيمة، تنزع فتيل المشكلة الرئيسي، وتحمي الجميع من انفجارها.....

جاد الحق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق