12‏/03‏/2018

أبو الفتح الفرغلي وجماعته.... البداية المشبوهة والنهاية السوداء


بعيدا عن تهم التخوين التي يجيدها الكل، والتي ظهر صدقها في البعض، من خلال تصرفاته، ما هو الدافع الخفي لما تقوم به قيادات الهيئة، بمعنى أنه ماذا يجري داخل أدمغتهم وكيف يفكرون، ألا يرون أنهم بما يصنعونه يسهمون في إسقاط المحرر لصالح النظام وبالتالي القضاء على الثورة؟

أقول وبالله التوفيق، الجماعات الجهادية تنظر للأمور بنظرة تختلف عن باقي من ينظر لها ممن سواهم، وذلك لأن نظام تشغيلهم الداخلي مختلف عن باقي الناس، بمعنى هم مبرمجون على معالجة المعطيات المدخلة بطريقة مغايرة لباقي الناس، وبالتالي ستنتج معهم نتائج تحليل مغايرة، وسيترتب عليها خطوات تنفيذ يراها الآخرون خاطئة، لكنهم يرونها الحق المطلق.

العجيب بالأمر أن نظام التشغيل الداخلي للجماعات السلفية الجهادية، تم اختراقه من مدة طويلة من قبل المخابرات الأجنبية وعلى رأسها الأمريكية، وزرعت هذه المخابرات فيروسات داخل أنظمة تشغيل وتفكير الجماعات ( قد تكون هذه الفيروسات مناهج أو أشخاص أو الإثنان معا )، مما سبب لهذه الجماعات انحرافات خطيرة، حيث ما إن تبدأ الجماعة جهادها للشعب، حتى تبدأ الانحرافات فيها، فيصبح بعد فترة جهادها ضد الشعب الذي خرجت للجهاد من أجله.

هذه الفيروسات التخريبية تعمل على تضخيم الأنا عند الجماعة، فترى الجماعة نفسها على أنها الوصي على الأمة، وبالتالي كل ما تفعله من شر هو لمصلحة الأمة، وإن فعل غيرها خيرا للأمة فهو لا بد أنه شر مبطن يستحق الغير عليه التخوين والتكفير والحرب، لأن الخير يأتي فقط من جهتنا حتى لو كان شرا محضا.

من فترة وجدنا أن أحد أكابر مرقعي هذه الجماعات قد أفتى على قناته بأنه إن تعامل غيرهم مع إيران ولو كان هذا التعامل ضمن الشرع، فهذا خيانة وعمالة، بينما إن تعاملوا هم مع إيران حتى لو كان تعاملهم اتفاقيات مشبوهة مثل اتفاقية كفريا والفوعة، فهذا أمر سياسة شرعية ولمصلحة الإسلام، بمعنى آخر لو غيرنا فعل الواجب أو المباح فهو عميل وخائن، أما لو فعلنا نحن الخيانة فهي من السياسة الشرعية التي نثاب عليها.

يزداد تعنت هذه الجماعات وانغلاق فكرها بازدياد أعدائها من حولها، وازدياد أعدائها هو نتيجة طبيعية لما تفعله من بغي وإجرام وتكفير، ومع ازدياد جرائمها يزداد سخط الشعوب وفصائلها المجاهدة ضد هذه الجماعات، مما يساهم في تضخيم كِبرِهِم وغرورهم، ويبدؤون بعزف مقطوعة المظلومية والطائفة المنصورة التي تحزبت عليها الأحزاب ولا يضرها من خذلها، طبعا هذا لا يعني أن الجماعة خالية من العملاء الصرفيين لأجهزة المخابرات.

عندما تشعر قيادات هذه الجماعات أنها بخطر محدق، تقوم بالتضحية بأكثر الأسماء إثارة للجدل، وفي حالت الهيئة فنتيجة بغيها وعدوانها قد جعلتها بمواجهة الشعب، وليس فقط الفصائل، وبالتالي معركتها اليوم بالنسبة لأفرادها وقياداتها هي معركة شخصية تتعلق بمصائرهم ومصالحهم المهددة من قبل المظلومين، والمبغي عليهم، لذلك لا يعيرون الغوطة أو مصلحة الساحة أي أهمية، لأنهم يظنون أنفسهم هم الساحة والجهاد، فلو لا سمح الله سقطت الغوطة وبقوا هم على عروشهم الوهمية، فهذا هو النصر المبين للأمة، وإذا استمر تطويقهم والضغط عليهم أتوقع أن يضحوا بأكثر الأسماء إثارة للجدل، وتكون على الأغلب هذه الأسماء من جنسية واحدة ( وهذه عادة الجماعات السلفية الجهادية حين تصل للنهاية تبدأ بتقديم القرابين ) وعلى الأغلب ستضحي الهيئة بثلاثيها المصري ( كما ضحت سابقا بالأردنيين )، وأولهم الفرغلي، لأن كلامهم وفتاويهم وتحريضهم، كانت أكثر ما ورط الهيئة بالمواجهة مع الشعب، خاصة أن وكالة إباء بدأت بالترويج الزائد للفرغلي، وكلنا يعلم أن الجولاني لا يسمح بأن تطفو شخصية أخرى غيره على السطح إلا إن كان سيُضحى بها كقربان لإنقاذه، خاصة أنه كل ما اقتربت غصن الزيتون من إدلب زاد استشعار قيادة الهيئة لخطر الغرق نتيجة الطوفان القادم، لذلك ستكون قيادتها مستعدة للتضحية بأثقالها وأولهم الفرغلي ومواطناه......

على فكرة أكثر ما دمر هذه الجماعات هو الربيع العربي وثورات الشعوب، لأنهم لطالما نظروا للشعوب على أنهم قطعان لا تفكر ولا يأتي منها خير، هم وحدهم القيادات الفذة، وعلى الشعوب الغافلة أن تسمع لهم وتطيع، ثم تفاجؤوا أن هذه الشعوب هبت من سباتها، وكسرت قيودها، وسبقتهم بسنين ضوئية، وتركتهم يلهثون وراءها، لذلك التقت مصلحة هذه الجماعات مع مصلحة الأنظمة الحاكمة ضد ثورات الشعوب....

جاد الحق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق