ليس شتماً للثورة أو الثوار و لا انتقاص لهما من كاتب المقال، و لا عبارة تشبيحية من أحد أبواق النظام، لكنه توصيف دقيق لواقع الثورة للشهيد بإذن الله عبد القادر الصالح.
حجي مارع حين قال هذه العبارة لم تكن الثورة قد أكملت عامها الثالث بعد، فكانت لا تزال فتية غضة لم تبلغ نضوج التجربة الثورية الفلسطينية مثلا، لذلك كان من الطبيعي أن تجد طوام كبرى في حركة هذه الثورة التي تشبه حركة الطفل عندما يخطو خطواته الأولى، لكن العجيب حقاً أن نكون قد دخلنا في ثورتنا عامنا السادس و لا نزال محافظين بثبات كثبات الجبال الرواسي على أخطاء الثورة، بل أخشى أن يتطور الأمر مع الزمان و نعتبرها ثوابت مبدأية لا نساوم عليها، و مع تقادم العهد تأخذ صبغة مقدسة في وجداننا.
فهل يعقل بعد ست سنوات من المعارك و الحروب مع جيش النظام، و ميلشياته الشيعية من حزب الله و غيرها التي شاب شعرها في ساحات القتال و معسكرات التدريب، ثم الجيشين الروسي و الإيراني، هل يعقل أن تظل استراتيجيتنا العسكرية في المعارك هي #هوشة_عرب!
هل يعقل بعد ست سنوات من الاحتكاك و الاشتباك مع أقوى الأجهزة الاستخباراتية المحلية و الدولية، و أقوى التنظيمات من الناحية الأمنية و لا يزال باب أمننا الثوري مخلوع!؟
لازلنا نخطط المعارك على غرف الواتساب الأميركي، و نتراسل بأخص خصوصياتنا عبر التلجرام الروسي، و نحكي كل أسرارنا على لاسلكيات اشتريناها أو غنمناها من أعدائنا، و لازالت نفس العبوة اللاصقة تنفجر بسياراتنا، و لازال انتحاريو داعش يفجرون أنفسهم في وسط مقراتنا و اجتماعاتنا العسكرية.
هل يعقل بعد ست سنوات و يكون إعلامنا الثوري بنفس التسطح و السذاجة؟
إلى الآن الكثير ممن يدعي أنه إعلامي أو ناشط يقتصر إعلامه و نشاطه على الترقيع أو التحريش، و ترويج للإشاعات و الأخبار الكاذبة بقصد أو بغير قصد، و تشويه سمعة فصيل يعاديه لأسباب شخصية عبر تضخيم عيوبه و الغمز بإنجازاته، و على العكس صنع إنجازات وهمية لفصيل يحبه، و التعامي عن طوامه.
إلى الآن أغلب إعلاميينا لا يجيد أن يتكلم أو يكتب جملتين بالعربية الفصحى دون أخطاء لغوية و نحوية لو رآها أجدادنا لانتحروا.
إلى الآن لا يعرف إعلاميونا أي شيء عن الحرب النفسية و الإعلامية و أهميتها و أساليبها.
إلى الآن الغالبية الساحقة ممن هم بمنصب القيادة لا يفقهون قيادة طرش غنم، فكيف يظنون أن باستطاعتهم قيادة الثورة لبر الأمان؟؟
هل يعقل بعد ست سنوات من الثورة لازلنا بنفس العقلية السياسية المراهقة بل و حتى الطفولية!؟
نصدق أي دولة تكذب علينا بتصريح إعلامي، نبيع مبادئنا و أهدافنا و نصبح مرتزقة لأي دولة ترمي لنا بفتات دعم لتحركنا كالدمى بما يناسب أغراضها ، وننخدع بكل لحية زائفة، وكل شيخ مرقع، وكل شيطان تستر باسم الدين والجهاد وتحكيم شرع الله، ونتفنن باستعداء الغرب و الشرق و ضمهم لصف عدونا.
فمثلاً أصحاب التفكير الإمبراطوري من بعض المتأسلمين يبدع بكيل التهديدات لكل دول العالم و يوعدهم بالويل و الثبور وعظائم الأمور، إن هي لم تطعه بإسلام يناسب فصيله، أو بجزية تدفعها لفصيله عن يد و هي صاغرة، و بنفس الوقت، يكون هو طريد شريد يتوارى في الجبال و الغابات لا يأمن الخروج باسمه الحقيقي أو وجهه.
و في المقابل تجد بعض المسيئين في فصائل الجيش الحر كل همهم أن يقصفوا المدنيين في مناطق النظام لأنهم بظنهم شبيحة و عملاء، و يتمنون أن يدخلوا مناطقهم ليسلبوهم بيوتهم و أموالهم و يهينوهم و يذلوهم بتهمة معلبة جاهزة ألا و هي التشبيح، ويسيؤون لإخواننا الأكراد الشرفاء لدوافع شخصية وانتقامية بذريعة أن كلهم pkk!!
لازلنا نصدق من يدعي أنه صديق للشعب السوري و هو ألد أعداء هذا الشعب، فنصالح حين يقال له صالحوا، و نحارب حين يقال له حاربوا، و من يفكر بالتمرد و الخروج عن النص يهدد بالدعم، فيخاف و يذعن.
أين نحن من سنة النبي صلى الله عليه و سلم في تحييد الخصوم، و تأليف قلوب الناس، و دفع الشرور و البلاء ما أمكن، أين نحن من خذّل عنا ما استطعت، و حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، و لا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه بأن يحملها من البلاء ما لا تطيق، و تعس عبد الدرهم و تعس عبد الخميصة، أين نحن من هذه الحكم السياسية النبوية الرائعة!؟
إن ما نحن فيه من واقع ثوري مرير لا يعالج إلا بتفعيل كوادر الثورة و توظيفها في الاتجاه الذي تبرع به، فثورتنا جهاد، و ليس كل جهاد قتال، و ليس كل قتال بندقية، فثورتنا تحتاج الإعلامي المفوه البليغ، الواعي للحرب النفسية و الإعلامية و أهميتها، و تحتاج العسكري المعد على أسس أكاديمية علمية، و تحتاج السياسي البارع الذي يفهم لغة العالم و المحافل الدولية ليحاججهم بها مستنداً لثوابت دينية لا تقبل المساومة، و تحتاج التقني -بكل مجالات التقنية- الذي لديه عقلية الباحث التجريبية العلمية، و تحتاج كل كادر في هذا المجتمع من إغاثي و طبي و طباخ و حداد و نجار و مدرس واقتصادي و......... إلى آخر القائمة الاجتماعية.
فإن لم نُعِد ما استطعنا من كل أشكال القوة كما أمرنا الله، فلن يُنجِز لنا ما وعدنا، لأن سنن الله لا تجامل أحد، و في التاريخ عبرة، و في الأرض آثار لمن أراد أن يستبين الطريق.
فلنحول شعارنا من واقع #ثورة_مهابيل_و_الحامي_الله، إلى حقيقة #ثورة_كوادر _و_الناصر_الله.
جاد الحق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق